ثم وفي وجهة أخرى قد تعني «الناس» هنا فيما تعنيهم ، بحر عرفات ومضيق المشعر الحرام ، وهنا «أفيضوا» تخاطب الأقلية أمام الأكثرية الساحقة من فرق المسلمين المفيضين ، مهما كانوا شيعة ام من السنّة ، فليس لهم ان يستقلوا في زمان الإفاضة او مكانها وحتى إذا عنت : «ثم أفيضوا» بالإفاضة من الجمع ، فهي تشمل الإفاضة من عرفات لأنهما في واجب الافاضة سيان أن تكون كما أفاض الناس دون تخلف عنهم فيها ، فحين يثبت الهلال عند إخواننا ، فهم يفيضون حسبه يومه التاسع من عرفات ، ويومه العاشر من المشعر الحرام ، ليس لأقلية سواهم ـ وهم الشيعة الإمامية أم من سواهم ـ أن يستقلوا في زمانها او مكانها ، استقلالا باستغلال رؤيتهم أنفسهم ، فضلا عما لم يروا ، فان شعائر الحج هي الجماعية الجامعة لشتات المسلمين ، ليس يحق لقليلهم مجابهة كثيرهم في تلك الشعائر العالمية.
فأفض حيث أفاض الناس ، ولا تتخلف عنهم فتصبح من النسناس ، معارضا شرعة إله الناس ، منحرفا عن مسيل الناس إلى مضيق المشعر والى منى ، ومنحرفا إلى سقاط الناس (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً).
ف «الناس» الأول هم أئمة الناس كإبراهيم وإسماعيل (١) دون النسناس وهم الذين كانوا يتأنفون من الإفاضة من عرفات ، أم والإفاضة الصالحة من المشعر الحرام.
و «الناس» الأخر هم المسلمون على مختلف فرقهم ، وبأحرى الرسول
__________________
ـ والصحابة مثلما نقلناه من طريق اهل البيت (عليهم السّلام) ـ
(١) نور الثقلين ١ : ١٩٦ عن معاوية عمار عن أبي عبد الله (عليه السّلام) في الآية قال : يعني ابراهيم وإسماعيل.