أمّاهيه ، بل هي أشهى وأرغب من سائر نصيب الدنيا.
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ ٢٠١ أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ) ٢٠١.
«يقول» هنا كما «يقول» هناك تعم الحال والفعال إلى القال ، فهو في مثلث الأحوال يطلب مثنّى سؤله (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ) ، وما هي «حسنة»؟ إنها ـ دون ريب ـ صفة لمحذوف معروف ، ولا أعرف من «حياة» ولا أشمل منها في حسنة او سيئة ، فلو كان الموصوف خاصا لخص بالذكر لأنه غير معروف!.
ف «حسنة» فيهما هي الحياة الحسنة ، وهي المرضية لله تعالى التي تجمع كافة الحسنات ، فحسنة الحياة في الدنيا هي التي يصلح ـ فيما يصلح ـ الآخرة ، كما حسنتها في الآخرة لا تناحر حسنة تناسبها وتعدّ لها في الدنيا ، فإن دنيا المؤمن آخرة ، وآخرته لا تصده عن دنياه ، حيث «الدنيا مزرعة الآخرة» ومطيّتها لمن أبصر بها فبصّرته ، ولم يبصر إليها فأعمته. ف «حسنة» في الأولى هي «حسنة» في الأخرى ، بل وعشر أمثالها ، ثم يزيد الله لمن يشاء ويرضى ، فالإسلام لا يحصر حسنة الحياة في الآخرة وهي الأصيلة فيها ، انما يخرج المحصورين في الدنيا المحسورين عن الآخرة عن حصرهم بأسرهم ، ويطلق الإنسان من أسوار هذه الحياة الفانية ، الى فسيح الحياة الأخرى ، جمعا بين حسنى الحياتين.
فمن حسنة الدنيا العلم النافع والمال الذي يصرف في مرضاة الله وزوجة صالحة وولد صالحون ، ثم والمنال من قيادة زمنية او روحية يتذرع بها الى رضوان من الله (١).
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ١٩٩ عن أبي عبد الله (عليه السّلام) في الآية قال : رضوان الله والجنة في ـ