(.. فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ) ومنهم الأمة المهتدية الإسلامية حيث هداهم الله لما اختلفوا ـ هؤلاء الكتابيون ـ من الحق ، إذ أوتوا القرآن المهمين على كل ما سبق ، وكما يروى عن حامل لواء الحق : «نحن الأولون والآخرون ، الأولون يوم القيامة وأول الناس دخولا الجنة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم فهدانا الله لما اختلفوا فيه من الحق فهذا اليوم الذي اختلفوا فيه فهدانا الله فالناس لنا فيه تبع فغد لليهود وبعد غد للنصارى» (١) فالذين آمنوا ملحدين او مشركين ام هودا او نصارى ، آمنوا بشرعة الإسلام المتمثلة في القرآن ، فهم المهديون لما اختلفوا من الحق بإذنه ، حيث القرآن هو ميزان الحق.
وأما الذين كفروا من اهل الكتاب وسواهم فظلوا فيما ضلوا مرتكسين ، لم يكن الله ليهديهم إذ لم يؤمنوا بالهدى التي تهديهم ، مهما ساد الفرق بين العلماء المقصرين والأميين القاصرين ، ولكنه فرق في العذاب واللّاعذاب ، دون ان يهدى القاصرون ، ثم فرقة ثالثة هم عوان بين ذلك ، إذ قلدوا علمائهم وهم يعلمون أنهم خائنون.
(وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) : يهدي من يشاء الهدى فيشاء الله هداه ، وجهان موجهان حيث المفعول مقدر يتحملهما دون اختصاص.
فالهدى الربانية في خضم الخلافات العارمة الضالة المضللة ، إنها فرقان من الله ووعدها المؤمنون المتقون : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً) (٨ : ٢٩).
فهنالك فرقان على ضوء الإيمان بالقرآن فانه فرقان بين كل حق وباطل ،
__________________
(١). الدر المنثور ١ : ٢٤٢ ـ اخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي هريرة في الآية قال قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : ...