وثم هنا فرقان فوقه على ضوء التقى بعد الإيمان ، فإنها فرقان بين مختلف المذاهب الإسلامية ، وفرقان بين كل المسالك الإيمانية.
فالتقى والإيمان الصالح هما جناحان يطير بهما المؤمن التقي إلى آفاق الفرقان ، كلما ازدادا ازداد وكلما نقصا نقص (وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).
إن كتابات السماء ـ سوى القرآن ـ صرفت عن جهات أشراعها ، وهيمنة القرآن عليها يبين الغث عن السمين والخائن عن الأمين.
وكتاب الوحي في كل أمة هو المحور الأصيل يقاس عليه كل ما سواه فيعرف الأصيل عن الدخيل ، فلم ينزل كتاب الوحي ليمحو فوارق الاستعدادات والمواهب والطرائق والوسائل ، إنما جاء ليحتكم الناس إليه فيما هم فيه مختلفون.
فالإسلام يضع القرآن ليحكم بين الناس ـ كل الناس ـ فيما اختلفوا فيه قضية اختلاف الرغبات ، ثم يحكم بين من أوتوا الكتاب فاختلفوا فيه ام اختلفوا عنه ، ليحكم بينهم ، فهو قاعدة البشرية جمعاء ، فما قامت البشرية على القرآن فوحدة على الحق ، وما أن خرجت عنها وقامت على قواعد اخرى فهذا هو الباطل على قدر انحرافه عن حق القرآن وانجرافه في البطلان ، ولو ارتضاه الناس جميعا في فترة من فترات التاريخ السوداء ، فليس الناس هم أنفسهم الحكم في الحق والباطل ، إنما هو إله الناس فيما ينزل على رسله إلى الناس ، وسائر حملة الدين الحنيف تبيينا للقرآن وما وافق القرآن من السنة ، دونما اي تدخل للآراء الفاضية عن برهان الحق وحق البرهان.
ومن أعضل الداء بين جماعة ممن أوتوا الكتاب ان يختلفوا فيه من بعد ما جاءهم البينات بغيا بينهم ، فهم في الحق ليسوا بمؤمنين ، إنما هم المرتكنون على