زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا. هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً ، وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً) (٣٣ : ١٢).
وفي مواقف أخرى لا نحصيها ، قلنا يا رسول الله ألا تستنصر لنا ألا تدعو الله لنا؟ فقال : إن من كان قبلكم كان أحدهم يوضع المنشار على مفرق رأسه فيخلص إلى قدميه لا يصرفه ذلك عن دينه ، ويمشط بأمشاط الحديد ما بين لحمه وعظمه لا يصرفه ذلك عن دينه ، ثم قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : «ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء الى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون» (١) ، وقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : «ان الله ليجرب عليكم بالبلاء وهو اعلم به كما يجرب أحدكم ذهبه بالنار فمنهم من يخرج كالذهب الإبريز فذلك الذي نجاه الله من السيئات ومنهم من يخرج كالذهب الأسود فذلك الذي قد أفتتن (٢).
وهكذا يخاطب الله الجماعة المسلمة الأولى ـ والى البقية حتى الأخيرة ـ توجيها إلى تجارب الجماعات المؤمنة التي خلت من قبل ، وإلى سنته السنية في تربية عباده المختارين ، الذين يكل إليهم راية الإيمان ، وينوط بهم أمانة الإيمان ، خطابا مطردا لكل من يختار لذلك الدور العظيم.
وإنها تجربة حلوة مرة مرت مع الزمن الرسالي على مدار الزمن ، ان تمسهم البأساء والضراء : الشدة التي تصيب الإنسان خارج نفسه او داخلها (٣) فيزلزلوا
__________________
(١) المصدر اخرج احمد والبخاري وابو داود والنسائي عن خباب بن الأرت قال قلنا يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ...
(٢) المصدر اخرج الحاكم وصححه عن أبي مالك قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ...
(٣) قال ابن عباس : لما دخل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) المدينة اشتد الضرر عليهم لأنهم ـ