على صامد إيمانهم (حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ) فيجابوا : (أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ) مهما بعدت مدته ، فان كل آت قريب ، ولا سيما لهؤلاء الذين ينصرون الله فانه هو ناصرهم قريبا ام بعيدا وهو على أية حال قريب.
إن نصر الله مدخر لمن يستحقونه ، موعود لهم حين يستحقونه ، وهم الذين لا تزل بهم الزلازل ، ولا تزعزعهم عن إيمانهم القلاقل ، ولا يحنون رؤوسهم للعواصف ، ولا تكسر ظهورهم بالقواصف ، حتى تبلغ البأساء والضراء والزلزال ذروتها ، فملئت الأرض ظلما وجورا ، فهنالك يبعث الله مهدي الأمم وصاحب الكلم صاحب العصر وإمام الدهر الحجة بن الحسن القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف ، الذي به يملأ الله والأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.
ذلك نصر الله المطلق المطبق ، ثم له نصر قبله قدر ما حاولوا وجاهدوا في الله (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى).
فلقد وعد الله المرسلين والمؤمنين النصر : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) (٤٠ : ٥١) ولكن البأساء والضراء قد تزلزلان المؤمنين حتى يضطر الرسول ان يقول : متى نصر الله (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا) (١٢ : ١١٠). وذلك استيئاس من إيمان من كفر واطمئنان من آمن ، فعند ذلك (جاءَهُمْ نَصْرُنا).
__________________
ـ خرجوا بلا مال وتركوا ديارهم وأموالهم في ايدي المشركين وأظهرت اليهود العداوة لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فأنزل الله : ام حسبتم ..» وقال قتادة والسدي : نزلت في غزوة الخندق حين أصاب المسلمين ما أصابهم من الجهد والحزن وكان كما قال الله : وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا.