ـ وعامر بن فهيرة وواقد بن عبد الله اليربوعي حليف لعمر بن الخطاب وكتب مع ابن جحش كتابا وامره ان لا يقرأه حتى ينزل ملل فلما نزل ببطن ملل فتح الكتاب فإذا فيه أن يسر حتى تنزل بطن نخلة فقال لأصحابه من كان يريد الموت فليمض وليوص فإني موص وماض لأمر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فسار وتخلف عنه سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان أضلا راحلة لهما وسار ابن جحش إلى بطن نخلة فإذا هم بالحكم بن كيسان وعبد الله بن المغيرة وعمرو الحضرمي فاقتتلوا فأسروا الحكم بن كيسان وعبد الله بن المغيرة وانقلب المغيرة وقتل عمر والحضرمي قتله واقد بن عبد الله فكانت اوّل غنيمة غنمها أصحاب محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فلما رجعوا الى المدينة بالأسيرين وما غنموا من الأموال قال المشركون : محمد يزعم انه يتبع طاعة الله وهو اوّل من استحل الشهر الحرام فانزل الله : يسألونك ... وما صنعتم أنتم يا معشر المشركين اكبر من القتل في الشهر الحرام حين كفرتم بالله وصددتم عنه محمدا والفتنة وهي الشرك أعظم عند الله من القتل في الشهر الحرام فذلك قوله : وصد عن سبيل الله وكفر به.
أقول : وفي نفس القصة بصورة أخرى اخرج البيهقي في الدلائل من طريق الزهري عن عروة ان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بعث سرية من المسلمين ـ الى ان قال ـ : فركب وفد من كفار قريش حتى قدموا على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقالوا : أتحل القتال في الشهر الحرام فأنزل الله عزّ وجلّ : يسألونك ... فبلغنا ان النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عقل ابن الحضرمي وحرم الشهر الحرام كما كان يحرمه حتى انزل الله عزّ وجلّ : براءة من الله ورسوله.
وفيه عن عروة في القصة ... فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله واستأسر عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان وهرب المغيرة فأعجزهم واستاقوا العير فقدموا بها على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال لهم : والله ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام فأوقف رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الأسيرين والعير فلم يأخذ منها شيئا فلما قال لهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ما قال سقط في أيديهم وظنوا ان قد هلكوا وعنفهم إخوانهم من المسلمين وقالت قريش حين بلغهم أمره : قد سفل محمد الدم الحرام وأخذ المال وأسر الرجال واستحل الشهر الحرام فأنزل الله في ذلك الآية فلما نزل ذلك أخذ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) العير وفدي الأسيرين فقال المسلمون يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أتطمع ان يكون لنا غزوة فأنزل الله : ان الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله ، وكانوا ثمانية وأميرهم التاسع عبد الله بن جحش.