وهذه هي الشيمة الشنيعة للكافرين ، تفتيشا عن أية مزرءة صغيرة خاطئة أمّاهيه من المسلمين ، ثم يتجاهلون عما هم فاعلون من الجرائم البشعة المتواصلة المتعمّدة ضدهم دون رعاية لهم إلّا ولا ذمة.
وهكذا انطلقت أبواق الدعاية المشركة ضد هذه الرسالة السامية بشتى الأساليب الماكرة التي راجت في البيئة العربية ، مظهرة رسول الرحمة وأصحابه بمظهر المعتدي الذي يدوس القدسية المشتركة وهي حرمة الشهر الحرام ، فنزلت الآية قاطعة كل قالة غائلة ، فقبض الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الأسيرين والغنيمة قائلا : والله ما أمرتكم بالقتال في الشهر الحرام ... لقد كانت قالة المشركين كلمة حق يراد بها الباطل ، وكم لها من نظير يواجهها الإسلام بكل حجة صارمة ، ومنها هنا (قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ..) تعريضا عريضا على المتسائلين من المشركين ، عرضا لدركات سبع من معارضاتهم وعرقلاتهم ضد الإسلام والمسلمين :
١ (قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ) بدء فيه بهجمة همجة على أهل الحرم.
٢ (وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) سبيل الحج والعمرة وكل تعبد في الحرم الآمن.
٣ (وَكُفْرٌ بِهِ) بالله وبسبيل الله ، لأنه قتال في سبيل الشرك نقمة على المؤمنين بالله.
٤ (وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ) وكفر بالمسجد الحرام الذي يحترمه المشرك والموحد.
٥ (وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ) من قتل الخطأ الذي حصل من المسلمين ، ومن قتالهم في الشهر الحرام ، حيث القصد من قتالهم ضد اهله إخراجهم عنه بكل إحراج ، تخلية له عن الموحدين ، إخلاء ـ فقط ـ لأنفسهم المشركين.