الْمُتَّقِينَ (١٩٤) وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٩٥)
(وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ١٨٨.
نص جليّ صارم في الجانب السلبي من الإقتصاد الاسلامي ، كضابطة عامة في التصرفات المحظورة في اموال الناس بينهم ، تلحيقا له بمصداق كأفضله من مصاديق الأكل بالحق : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً) (٢٩).
وكقسم خاص من الأكل بالباطل هو أموال الناس (.. وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ) (٤ : ١٦١) (إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ) (٩ : ٣٤) ولكن بينكم هناك تشملها والقسمين الآخرين.
«لا تأكلوا» هنا صيغة اخرى عن «لا تتصرفوا» عبر عنها بها لأن الأكل هو الحاجة العظمى المتعوّدة الضرورية ، فقد يعيش الإنسان دون ملبس او منكح او مسكن ، وليس ليعيش دون أكل ، وقد يبدل كل حاجياته الى الأكل ولا يبدل أكله الى سائر حاجاته ، فلأنه هو المحور الأصيل في سؤل الأموال ، يعبر به عن كافة التصرفات في كافة اللغات والأعراف ، وقد يأتي الأكل في القرآن بمعنى التصرف الممحي (حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ) (٣ : ١٨٣) (وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلاً لَمًّا) (٨٩ : ١٩) ـ (ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ) (١٢ : ٤٨).