في كل ذلك واجب المتاع قائم لا حول عنه لمكان عموم الأمر «متعوهن» ثم «على» اللامحة لامعة الى واجب المتاع ، ثم (حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) هي الزاوية الثالثة لمثلث الدليل هنا الى واجب المتاع ، والقول إن الإحسان ليس فرضا ، فالمتاع بالمعروف ـ إذا ـ نفل ، يطرده «حقا على» إضافة إلى «متعوهن ـ وعلى» قبلها ، فكما الإحسان فرض بالوالدين واليتامى ، كذلك بالنسبة للمطلقات ، بل هو بالنسبة لهن أحرى بفارق الفراق هنا دونما هناك.
والمسّ هنا هو مسّ النكاح دون مطلق المس فانه لا حول عنه قبلة أو لمسا وإن في فترة قصيرة ، إذا فهو الوطي ليس إلّا ، وكما في آيات عدة (١) وانما عبر عن الصداق هنا بفريضة تدليلا على فرضه مهما لم تسمّ ، فإن سمّيت فهي اصل المتاع ، وإلا فيشملها المتاع المقدر هنا ب (عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ) بخاصة الطلاق ، فتسمية الفريضة هي لصالح الزوج ماديا ولصالح الزوجة نفسيا ، فان (مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ) في غير المسمى قد يزيد على المسمى ، مهما عم ذلك المتاع المسمى ايضا في المدخول بها ، لأنه ذهب برأس مالها فليجبر بمتاع بالمعروف تسكينا لخاطرها فيصبح جو الطلاق كجو النكاح الوفاق فيظل الزوجان كرفاق لا يفصل بينهما إلا فاصل الجنسين ، دون ان يفصل بينهما في أخوة اسلامية ووداد.
(وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ
__________________
(١) (إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها) (٣٣ : ٤٩) فان العدة ـ في غير الوفاة ـ إنما هي عن الوطي (قالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ) (٣ : ٤٧) (قالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ) (١٩ : ٢٠) وليس الولد الا من مس الوطي.