أصله ، مهما تستر بتراب كأنه ينبت (لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) (١).
فقد مثل المنفق منا وأذى او رئاء الناس بمثل الكافر ، الحابط عمله أيا كان ، فهذا المنفق ليس إنفاقه الخاوي الاكتراب على صفوان ، لا ينفع لإنبات ، بل ويزول بوابل يستأصله عن بكرته ، من وابل الحساب في الأخرى ، بوابل المن والأذى والرئاء في الأولى.
كذلك الإنفاق في غير سبيل الله ، لا يستقر على قلب المنفق الصفوان ، كالحجر الصلد ، مهما ستره بغبار الإنفاق ، فلا يثمر كما ينفق في سبيل الله سبعمائة ضعفا ، ولا يبقى على ضعفه دون ضعف ، وانما يحبط في وابل ، وكذلك وابل الحساب ، النازل على قلوب العاملين ، بوابل النية القاحلة في الإنفاق.
وهكذا ينكشف القلب الصلد الخاوي عن واقع الإيمان يوم الحساب ، انكشاف الصفوان الصلد عن ظاهر التراب ، فلم يثمر خيرا ولم يعقب مثوبة ، اللهم إلا عقوبة لكفره : (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) : كفرا او كفرانا ، عقيديا او عمليا ، فقد شمل الكفر هنا الإنفاق منا أو أذى ورئاء الناس ، من هؤلاء الذين يقولون آمنا وما هم بمؤمنين حقه! ، فليس (لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا) بل ويعاقبون بكفرهم وترك الإنفاق الصالح ، ظلمات بعضها فوق بعض!.
فتلك هي الضفة الكافرة بمثلها الصفوان ، فإلى الضفة المؤمنة الآن :
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٢٨٤ في تفسير القمي في الآية وقال : من كثر امتنانه وأذاه من يتصدق عليه بطلت صدقته كما يبطل التراب الذي يكون على الصفوان والصفوان الصخرة الكبيرة التي تكون في مفازة فيجيء المطر فيغسل التراب عنها ويذهب به فضرب الله هذا المثل لمن اصطنع معروفا ثم اتبعه بالمن والأذى ...