يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٨ : ٧٩).
هنا (يَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ) تعني أبعد الخطوات الشيطانية من خلال وعدكم الفقر وسواه من وساوس وهواجس ، ففي حقل الإنفاق يقول للبخيل لا تنفق ، ويقول للسمح أنفق من الرديء ، ويقول للمنفق من الطيبات أنفق قليلا ، وللمنفق كثيرا منّ عليه ، ويقول للمتمنع عن كل ذلك ، اتبع انفاقك بمن او أذى او رئاء الناس.
ذلك ، ولكنه لا يرضى إلّا الخطوة الأخيرة إن استطاع لها سبيلا ، والفحشاء في حقل الإنفاق هي المتجاوزة عن حد الاعتدال والعدل.
ومن الفحشاء في وعد الفقر وأد البنات خوفة العيلة وهو فحشاء نفسية ، تتجاوز حد الظلم الى أفحشه ، ومنها فحشاء الربا والسرقة والميسر وبخس المكيال والإدلاء إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون ، فان خوف الفقر يحرص النفوس ويحرّضها على الكلب والسلب.
(يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ) (٢٦٩).
«الحكمة» هي من حكمة الدابة ، التي تربطها عن مشيتها العشواء إلى صراط مستقيم ، وكذلك الإنسان ، المبتلى بالنفس الأمارة بالسوء المتخلفة عن الصراط ، وبالعقل الذي قد يخطئ الصراط ، فلا بد له من حكمة ربانية تعقل النفس الإمارة ، وترشد العقل والفطرة عن اخطارهما الى سوي الصراط ، كسائر الحكمة.
وقد تربط آية الحكمة بآيات الإنفاق ان الحكمة في الإنفاق هي من الخير الكثير فالفطرة حكمة ، والعقل حكمة ، ولكنهما لا يكفيان تحكيما لعرى