فلا يشمل المنافع والأعمال (١) المضمونة في الإجارة الفاسدة. فكلّ (٢) عمل وقع من عامل لأحد ـ بحيث يقع بأمره وتحصيلا لغرضه (٣) ـ فلا بدّ من أداء عوضه لقاعدتي الاحترام ونفي الضرر.
______________________________________________________
(١) لا يخفى صدق المنافع والأعمال على مثل خدمة العبد والأمة ، فإنّها منفعة وعمل ، إلّا أنّ المراد هنا بالمنافع ما يقابل الأعمال ، فالمنافع نظير سكنى الدار وركوب الدابة ، والأعمال المضمونة نظير الخياطة والنجارة والطبابة التي هي أفعال الآدمي. وعليه فإذا استأجر دارا بإجارة فاسدة ، أو استأجر خيّاطا لخياطة ثوبه كذلك كان على المستأجر أجرة المثل ، مع أنّ المنفعة غير قابلة للقبض باليد والاستيلاء عليها.
(٢) هذه نتيجة دلالة قاعدتي الاحترام ونفي الضرر على ضمان منافع الأعيان وأعمال الأشخاص. لكن الضمان مشروط بأن يكون العمل ـ كالخياطة والطبابة والكنس ونحوها ـ صادرا من العامل مستندا إلى أمر المستأجر وتحصيلا لغرضه ، بأن يقول مالك القماش للخيّاط : «خطه ثوبا أو قباء» فخاطه ولم يقصد التبرّع ، فإنّ له أجرة مثل عمله.
(٣) فلو كان العمل مقابلا بالأجرة عرفا ، لكنّ العامل تبرّع بالعمل ـ ولم يأمره شخص آخر ـ لم يكن عمله مضمونا بالأجرة. وكذا لا ضمان لو استند العمل إلى أمر الآمر ، لكنّه لم يحصّل غرضه من الأمر ، كما لو أمره بصنع سرير فجعله منضدة مثلا.
هذا كلّه في الوجوه المستدلّ بها على قاعدة «ما يضمن». وقد تحصّل وفاء ثلاثة منها بإثبات الضمان ، وهي اليد ـ بالنسبة إلى العقود على الأعيان ـ والاحترام ونفي الضرر.
__________________
ثانيهما : ما أفاده المحقق الأصفهاني قدسسره من عدم صدق التأدية في المنافع مطلقا ، فإنّ ظاهر قوله : «حتى تؤدّي» كون عهدة المأخوذ مغيّاة بأداء نفس المأخوذ. والمنافع لتدرّجها في الوجود لا أداء لها بعد أخذها في حدّ ذاتها ، لا كالعين التي لها أداء في حدّ ذاتها وإن عرضها الامتناع ابتداء أو بقاء (١).
__________________
(١) حاشية المكاسب ، ج ١ ، ص ٧٨.