الضامن ، ولم يقع بأمره ، كالسبق في المسابقة ، حيث حكم الشيخ (١)
______________________________________________________
الثاني : أن يستند العمل ـ كالخياطة ـ إلى أمر من يضمنه ، بأن يقول للخيّاط : «خط هذا القماش ثوبا» أو للنجار : «اصنع هذا الخشب سريرا» فالآمر ضامن للأجرة المسماة ، أو لأجرة المثل. فلو أوجد العامل عملا تبرّعا منه لا بأمر من شخص ولم يعد نفعه إليه لم يكن ضامنا.
وعلى هذا فإذا تسابق شخصان على الخيل وعيّنا السبق كمائة دينار للسابق منهما ، وتبيّن بعد المسابقة فساد العقد ، ففي المسألة قولان :
أحدهما : عدم استحقاق السابق أجرة مثل عمله ، لعدم ما يوجب ضمان المسبوق ، إذ لم يعد نفع العمل إلى المسبوق ، وإنّما المنتفع هو السابق ، لتدرّبه على فنون الحرب ، ولم يقع العمل بأمر من المسبوق. وعلى هذا فلا مورد للنقض والاشكال ، إذ لا ضمان حتى يتفحّص عن دليله.
ثانيهما : استحقاق السابق اجرة المثل ، لقاعدة «ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده» وحيث إنّ عقد السبق والرماية ممّا يضمن بصحيحه فكذا بفاسده. وبناء على هذا القول يشكل إثبات الضمان ، لعدم جريان قاعدة احترام الأعمال ، لانتفاء الأمر بالعمل ، ولعدم عود النفع إلى غير السابق. وأمّا قاعدة الإقدام فالمفروض عدم كونها من موجبات الضمان كما عرفت في توجيه كلام الشيخ قدسسره. فما الدليل حينئذ على وجوب بذل اجرة المثل إلى السابق في المسابقة الفاسدة؟
(١) حيث قال ـ بعد حكمه بعدم استحقاق المسمّى إذا فسد عقد المناضلة ـ ما لفظه : «وقال قوم : يستحق اجرة المثل كالبيع والصلح والإجارة. وقال آخرون : لا يستحقّ شيئا ، لأنّه إنّما يجب اجرة المثل في الموضع الذي يفوّت على العامل عمله ، وعاد به نفعه إلى الناضل. كالقراض الفاسد يجب عليه مثل اجرة العامل ، لأنّه فوّت عليه عمله فيما عاد نفعه إليه» (١). والمستفاد من سكوته وعدم الاعتراض على القول
__________________
(١) المبسوط ، ج ٦ ، ص ٣٠٢.