ثمّ إنّ مقتضى ذلك (١) عدم ضمان العين المستأجرة فاسدا ، لأنّ صحيح
______________________________________________________
(١) المشار إليه هو قوله في تفسير القاعدة : «أنّ كلّ عقد لا يفيد صحيحه ضمان مورد ففاسده لا يفيد ضمانا» فمقتضى هذه القاعدة عدم ضمان العين المستأجرة في الإجارة الفاسدة ، لأنّ الإجارة الصحيحة لا تفيد ضمان العين فكذا الفاسدة.
وغرضه قدسسره بيان أحد النقوض الواردة على قاعدة «ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده» ولكنّه خصّ هذه المسألة بالذّكر هنا ولم يجعلها في عداد النقوض الآتية بقوله : «ثم إنّه يشكل اطراد القاعدة في موارد» ولعلّه لخصوصيّة في هذه ، وهي ابتناؤها على الخلاف في أنّ المراد بالعقد في أصل القاعدة وعكسها هل هو خصوص مصبّ العقد كالعين في باب البيع ، والمنفعة في باب الإجارة ، أم ما يعمّ متعلق المتعلق؟
فإن قلنا بالاختصاص لزم التفكيك بين العين والمنفعة في عقدي البيع والإجارة ، لكون العين في البيع موضوعا لقاعدة «ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده» والمنفعة موضوعا لقاعدة «ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده».
وينعكس الأمر في باب الإجارة ، إذ المعوّض فيها هو المنفعة ، فتندرج في أصل القاعدة ، وتندرج العين في العكس ، يعني «ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده».
وإن قلنا بالتعميم أي : دخول العين في مصبّ الإجارة ، فلا ضمان في صحيحها وفاسدها. أمّا في الصحيح فلأنّ مالك العين يلزمه تسليم العين للمستأجر ليستوفي منفعتها ، فهو مأذون من قبل المالك ، ويده يد استحقاق. وأمّا في الفاسد فلإقدام المالك على تسليم العين بدون ضمان.
وكيف كان فإذا استأجر زيد من عمرو دارا عاما بمائة دينار ، فإن كانت صحيحة كان المستأجر ضامنا للأجرة المسماة ، ولا يضمن نفس الدار ، فلو تلفت بيده ـ من دون تعدّ وتفريط في الحفظ ـ لم يضمنها ، لكونها أمانة. وإن كانت الإجارة فاسدة ففي ضمانه قيمة الدار قولان :