ويشكل (١) اطّراد القاعدة أيضا في البيع فاسدا بالنسبة إلى المنافع التي لم يستوفها (٢) ، فإنّ هذه المنافع (٣) غير مضمونة في العقد الصحيح ، مع أنّها
______________________________________________________
ب : النقض على القاعدة بمنفعة المبيع فاسدا
(١) معطوف على «يشكل» وهذا نقض ثالث على قاعدة «ما لا يضمن» ومحصّله : منع الملازمة بين البيع الصحيح والفاسد في ضمان المنافع الفائتة ، مع أنّ مقتضى القاعدة تبعية العقد الفاسد للصحيح في عدم الضمان.
وتوضيحه : أنّ المشتري للمبيع ـ بالعقد الفاسد ـ إمّا أن يستوفي منافعه وينتفع به ، كما إذا اشترى دارا فسكن فيها أو سيّارة فركبها ، ولا ريب في ضمانها ، لما سيأتي إن شاء الله تعالى في الأمر الثالث مما يترتّب على المقبوض بالبيع الفاسد. وإمّا أن لا يستوفي منافعها ، بل فاتت كما إذا لم يسكن في الدار مع قابليتها للسكنى. وهذه المنافع الفائتة غير مضمونة في العقد الصحيح ، ومضمونة في الفاسد ، فإذا فسخ العقد الصحيح بإقالة أو غيرها لم تكن منفعتها الفائتة مضمونة على المشتري ، وإنّما عليه تسليم الدار للبائع وله استرداد تمام الثمن منه.
وأمّا إذا كان البيع فاسدا فقد حكموا بأنّ المشتري كما يضمن العين ـ لو تلفت بيده ـ كذلك يضمن بدل منفعتها الفائتة في المدّة التي كانت الدار تحت يده وسلطنته. وهذا الحكم بالضمان مناف لقاعدة «ما لا يضمن» لأنّ عدم ضمان منافع المبيع بالبيع الصحيح يقتضي عدمه في البيع الفاسد أيضا. مع أنّهم فرّقوا بين البيع الصحيح والفاسد ، وحكموا بضمان المنفعة الفائتة في المقبوض بالبيع الباطل. وهذه التفرقة تكشف عن عدم كون «ما لا يضمن» قاعدة كلّية حتى يرجع إليها في كلّ عقد لم يضمن بصحيحه ، هذا.
(٢) قد تقدّم آنفا وجه تقييد المنافع بعدم استيفائها ، لوضوح أنّ المنافع المستوفاة مضمونة بقاعدة الاستيفاء لا باليد ، فلا مورد للنقض بها على قاعدة «ما لا يضمن».
(٣) أي : المنافع الفائتة.