ثم إنّ مبنى هذه القضية السالبة (١) ـ على ما تقدّم من كلام الشيخ في المبسوط ـ هي الأولويّة (٢).
______________________________________________________
الجهة الثالثة : مستند قاعدة «ما لا يضمن»
أ : الأولويّة
(١) أي : قاعدة «ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده» وقد أحسن المصنّف قدسسره في التعبير بالقضيّة السالبة الموافق للصناعة ، دون العكس لما مر من كون التعبير بالعكس مبنيّا على المسامحة. وكيف كان فهذا شروع في الجهة الثالثة ـ والأخيرة ـ مما يتعلّق بالقاعدة ، وهي مدركها والدليل عليها. والمذكور في المتن أمران : أحدهما الأولويّة التي استظهرها من عبارة المبسوط ، وثانيهما الأخبار المتفرّقة الواردة في عدم ضمان الأمين ، وسيأتي الكلام فيهما إن شاء الله تعالى.
(٢) هذا هو الدليل الأوّل ، وقد نقل المصنّف كلام شيخ الطائفة قدسسرهما إجمالا في صدر المسألة وحكيناه هناك بألفاظه ، فراجع (ص ٦٠) والمقصود منه هو استدلاله على عدم ضمان العين المرهونة في الرّهن المتضمن لشرط فاسد ـ مثل كونها مبيعة من المرتهن لو لم يؤدّ الراهن دينه ، قال في المبسوط : «لأنّ صحيح الرهن غير مضمون عليه ـ أي على المرتهن ـ فكيف فاسده» (١).
وهذه العبارة الموجزة يحتمل أن يراد بها التعجّب من الضمان في العقد الفاسد الذي لا يؤثّر صحيحه في الضمان. ويحتمل أن يراد بها أولويّة عدم الضمان في العقد الفاسد من عدمه في العقد الصحيح منه ، كالرهن الصحيح والفاسد. واستظهر المصنّف قدسسره هذا الاحتمال.
كما أنّه يحتمل أن يريد شيخ الطائفة ـ بناء على الأولويّة ـ أولويّة عدم ضمان العقد الفاسد ممّا لا يضمن بصحيحه كالرهن ـ من عدم ضمان نفس هذا العقد الذي لا يضمن بصحيحه. ولعلّ هذا ظاهر العبارة. ويحتمل أن يريد قدسسره ما استظهره
__________________
(١) المبسوط في فقه الإمامية ، ج ٢ ، ص ٢٠٤.