.................................................................................................
__________________
مع تلك الشواهد لا يقصر عن العمل بخبر الثقة. لكن بعد اللتيّا والّتي في النفس تردد (١).
أقول : أمّا المناقشة في كبرى الجبر بالعمل فقد فرغنا من الجواب عنها بما علّقناه على بحث حجيّة الشهرة (٢) ، ومحصّله : أنّ عمل المشهور برواية ضعيفة مع تشتت آرائهم في حجية أخبار الآحاد ، وشدة ورعهم وعلمهم بضعف الراوي وخبثه يوجب الوثوق العقلائي بالصدور ، وهو المناط في سيرة العقلاء في العمل بالأخبار ، ولا مقيّد لها بالوثوق المخبري خاصة.
وأمّا المناقشة في الصغرى ـ بمعنى عدم إحراز استناد قدماء الأصحاب إلى هذا النبوي ـ فغير ظاهرة أيضا.
أمّا قوله : «والظاهر أنّ مستنده هو الأمر الأوّل .. إلخ» ففيه : أنّ كلمات قدماء الأصحاب ومتأخّريهم في مقام الاستدلال مشحونة بذكر الأصل والرواية والإجماع في عرض واحد ، فيقولون : «للأصل ولقول الصادق عليهالسلام وللإجماع». مع أنّ الأصل ليس في رتبة الدليل ، فالشيخ في الخلاف يذكر الأصل وهو الاستصحاب بقوله : «دليلنا : أنّه ثبت أنّ هذا الشيء قبل التغيير كان ملكه .. إلخ» ثم يعقّبه بحديث على اليد. وبقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا يحل مال امرء مسلم إلّا (بطيب من نفسه) عن طيب نفس منه». فهل يمكن التفكيك بين كلاميه قدسسره بأن يقال : إنّ الشيخ أورد الأوّل احتجاجا والثاني استنادا ، مع وحدة السياق ، وذكره لهما بعد قوله : «دليلنا» فإنّ هذه اللفظة قرينة واضحة على كون ما يذكر بعدها دليلا على الحكم ومستندا له. فإنّ الاحتجاج على الخصم وإلزامه بما ألزم به نفسه لا ينافي الاستناد. فظهور كلام الشيخ في الاستناد إلى كلا النبويّين ممّا لا ينبغي إنكاره.
__________________
(١) كتاب البيع ، ج ١ ، ص ٢٤٧ الى ٢٥٠.
(٢) منتهى الدراية ، ج ٤ ، ص ٣٩٠.