ويدلّ عليه (١) : أنّ الإمساك آنا ما تصرّف في مال الغير بغير إذنه ، فلا يجوز ، لقوله عجّل الله تعالى فرجه : «لا يجوز لأحد أن يتصرّف في مال غيره
______________________________________________________
(١) أي : على وجوب الرّدّ فورا ، وهذا إشارة إلى دليل ثان على المدّعى. وحاصل الاستدلال بهذا التوقيع المبارك على فوريّة وجوب الرّدّ ـ بناء على كون الإمساك تصرّفا ـ أنّ الإمساك آنا ما مصداق للتصرّف المحرّم ، لقوله عليهالسلام : «لا يجوز لأحد ..» فيجب التخلّص عن هذا الحرام بردّه فورا إلى مالكه.
__________________
نعم إذا استلزم الرّدّ الى المالك ضررا أو حرجا سقط أصل وجوب الرّدّ على فرض وجوده ، ويبقى وجوب تمكين المالك من ماله ورفع اليد عنه.
والحاصل : أنّ الواجب هو الرّدّ إلى المالك إن لم يكن فيه ضرر أو حرج. وأمّا الرّدّ في خصوص مكان القبض لخصوصيّة فيه من كثرة الرغبات ونحوها فلا وجه له ، إذ لا دليل عليه ، وإنّما الدليل دلّ على وجوب الرّدّ إلى المالك سواء أكان في بلد القبض أم لا.
وبالجملة : فالرّدّ واجب مطلقا وفي جميع الصور. إلّا إذا لزم منه الضرر أو الحرج ، فيرفع بقاعدتهما ، وإن كان المال في مكان القبض والمالك فيه أيضا. وإن لم يلزم منه أحد هذين المحذورين وجب الرّدّ إلى المالك وإن كان المالك في مكان ثالث ، أي : لا في محلّ القبض ولا في المكان الذي نقل إليه المال ، كما إذا كان محلّ القبض النجف الأشرف ، والمال نقل إلى كربلاء المقدّسة ، والمالك سافر إلى بغداد.
ولو كان وجه التفصيل لزوم الضرر من الرّدّ في غير مكان القبض فلا بدّ من التفصيل بنحو آخر ، وهو : أنّ الرّدّ إن استلزم الضرر ارتفع وجوبه سواء أكان الرّدّ في محلّ القبض أم غيره ، وسواء أكان المالك في ذلك المحلّ أم غيره. وإن لم يستلزم الضرر وجب الرّدّ من غير فرق فيه بين محلّ الرّدّ وغيره ، وكون المالك في مكان ثالث وغيره ، كما لا يخفى.