.................................................................................................
__________________
ومنها : قاعدة الإتلاف ، وهي من القواعد العقلائيّة التي لم يردع عنها الشارع ، بل أمضاها في موارد كثيرة. مثل ما ورد في شهادة الزور ، كصحيحة جميل عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «إن كان الشيء قائما بعينه ردّ على صاحبه ، وإن لم يكن قائما بعينه ضمن بقدر ما أتلف من مال الرجل» (١) ونحوه غير من روايات الباب.
ومثل ما ورد في تلف الرّهن بتفريط المرتهن ، كموثّقة إسحاق بن عمّار ، قال : «سألت أبا إبراهيم عليهالسلام عن الرجل يرهن الرّهن بمائة درهم ، وهو يساوي ثلاثمائة درهم ، فيهلك ، أعلى الرّجل أن يردّ على صاحبه مأتي درهم؟ قال : نعم ، لأنّه أخذ رهنا فيه فضل وضيّعه ..» (٢) الحديث.
ونحوها سائر روايات الباب ، فإنّ التعليل يدلّ على ضمان كلّ من ضيّع مال الغير ، إذ لا خصوصيّة عرفا للرّهن ، بل موضوع الضمان هو تضييع مال الغير وإن لم يكن رهنا. وهذا هو قاعدة الإتلاف.
ثمّ إنّ المراد بالإتلاف على ما يستفاد من النصوص التي تستند إليها قاعدته ما يعمّ الأكل والشرب والتضييع والإفساد ، فلو لم يصدق مادّة الإتلاف ـ وهي التلف ـ في مورد ولكن صدق التضييع والإفساد كفى في جريان قاعدة الإتلاف.
فما في حاشية المحقق الايرواني قدسسره : من «أنّ المتبادر من إتلاف المال إخراجه عن المالية بتضييعه ، لا إتلافه في سبيل الانتفاع به كأكل المأكول وشرب المشروب» (٣). لا يخلو من غموض ، لما عرفت من أنّ المستفاد من الروايات ما يعمّ ذلك. ولا دليل على ما أفاده.
مضافا إلى : أنّ الأكل والشرب مصلحة للآكل والشارب ، وإتلاف حقيقة لمال
__________________
(١) وسائل الشيعة ، ج ١٨ ، ص ٢٣٩ ، الباب ١١ من كتاب الشهادات ، الحديث ٢.
(٢) وسائل الشيعة ، ج ١٣ ، ص ١٢٩ ، الباب ٧ من كتاب الرّهن ، الحديث ٢.
(٣) حاشية المكاسب ، ج ١ ، ص ٩٦.