.................................................................................................
__________________
وبالجملة : فبعد البناء على كون الخراج ظاهرا في مطلق المنافع ـ الذي هو حاصل المصدر ـ أو في الانتفاع بالشيء الذي هو المعنى المصدريّ ، وكون الضمان معناه العرفيّ المتبادر منه حين إطلاقه ، وكون الظرف مستقرّا ، يكون محصّل معنى الحديث : أنّ المنافع ثابتة على الشخص بسبب صيرورتها في عهدته وضمانه ، فما لم يتحقق عهدتها على شخص لا يحكم بضمانه لها وخسارتها عليه.
وهذا المعنى ينطبق على مورد الحديث ، وهو كون منافع العبد للمشتري ، وذلك لأنّ المشتري لم يضمن المنافع أي لم يجعل بدلها في عهدته ، لأنّه استوفى منافع ماله ، ولم يستوفها ضامنا لها ، إذ لا معنى لضمان مال على عهدة مالكه ، فلا وجه لتضمين المشتري بالنسبة إلى المنافع المملوكة له بقاعدة تبعية المنفعة للعين في الملكيّة.
فتلخّص من جميع ما ذكرناه : أنّ حديث «الخراج بالضمان» لم يثبت الوثوق بصدوره ، ولا يكفي مجرّد تشبّث شيخ الطائفة به في ثلاثة موارد ، وكذا تشبّث ابن حمزة به وغيرهما ممن عرفت في المقام الأوّل.
مضافا إلى إجماله وعدم ظهوره فيما ادّعاه ابن حمزة والشيخ قدسسرهما ، فلا يصحّ التمسّك بهذا النبويّ لعدم ضمان المنافع التي استوفاها قابض العين بالعقد الفاسد.
ثمّ إنّ المحقق النائيني قدسسره ـ على ما في تقرير بحثه الشريف ـ استظهر من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الخراج بالضمان» معنى لا بأس بالتعرّض له ، فإنّه ـ بعد بيان : أنّ مفاد الحديث بمناسبة الحكم والموضوع هو الضمان الجعليّ الفعليّ الأصليّ الممضى شرعا ، وبعد دعوى عدم شموله للبيع الفاسد والضمان القهريّ كما في ضمان المغصوب ـ أفاد ما توضيحه : أنّ الضمان بمعناه المصدري المعبّر عنه بالفارسيّة «عهده گرفتن يا قرار دادن چيزى در عهده» يتصوّر على أنحاء :
أحدها : أن يكون جعل شيء في العهدة ببذل عوض في مقابله ، كما في العقود المعاوضيّة من البيع ونحوه.
ثانيها : أن يكون هذا الجعل بسبب الشرط من دون بذل عوض في مقابل ما جعله في عهدته ، كشرط الضمان في عارية غير الذهب والفضة ، وفي كلّ عقد صحيح.