مدّة طويلة (١) من غير اجرة مناف (٢) للاحترام.
لكن يشكل الحكم (٣) ـ بعد تسليم كون المنافع أموالا
______________________________________________________
الفاسد ، وهو قاعدة احترام مال المسلم. وتقريبها ـ بعد صدق المال على المنفعة ـ أنّ احترام المسلم وشرفه يقتضيان حرمة التصرّف في ماله بدون إذنه ، وحرمة حبسه عن مالكه مدّة طويلة من غير اجرة في قبال منافعه ، سواء استوفى ذلك الغير منفعته أم لا. وعليه فاحترام ماله يقتضي ضمان بدل ما تلف منه أو فات بيد الغير ، فلا احترام لماله بدون الضمان.
(١) الظاهر أنّه لا خصوصيّة لطول المدة ، إذ المناط في الضمان فوت المنفعة التي يبذل بإزائها المال ، ولعلّ ذكرها من جهة الترديد في صدق «فوت المال» على فوات المنفعة في مدّة قصيرة ، كإشغال دار الغير ساعة أو أقلّ.
(٢) خبر قوله : «كونه».
(٣) يعني : يشكل الضمان الذي ذهب إليه المشهور. وغرض المصنّف المناقشة في الدليلين المتقدّمين. وحاصل الاشكال على الأوّل أمران :
أحدهما : أنّ الموصول في «ما أخذت» هو المال ، ولم يحرز صدق «المال» على المنافع حتى تندرج في الضمان اليديّ. فيحتمل اختصاصه بالأعيان المتموّلة ، ويكفي في شبهة شمول المال للمنافع كلام ابن الأثير المنقول في اللسان : «المال في الأصل ما يملك من الذهب والفضّة ، ثم أطلق على كلّ ما يقتني ويملك من الأعيان ، وأكثر ما يطلق المال عند العرب على الإبل ، لأنّها كانت أكثر أموالهم» (١) لظهور قوله : «من الأعيان» في عدم ماليّة المنافع والحقوق.
وعليه فالمنافع خارجة عن حديث «على اليد» موضوعا ، ولا بدّ من التماس دليل آخر على ضمانها.
ثانيهما : أنّ مجرّد صدق «المال» على المنفعة لا يكفي في الضمان ما لم تندرج تحت
__________________
(١) لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٦٣٦.