.................................................................................................
__________________
فالحقّ أنّ النبوي المزبور لا يكون أقلّ من خبر الثقة ، فيصح الاستناد إليه والاعتماد عليه في استنباط الحكم الشرعي ، فلا بدّ من عطف عنان البحث إلى دلالته ، فنقول وبه نستعين ، وبوليّه صلوات الله عليه نتوسل ونستجير :
محتملات حديث «على اليد»
إنّ الوجوه المحتملة في معنى الحديث كثيرة :
الأوّل : أنّه يدلّ على الحكم التكليفي ما دام المأخوذ موجودا ، فيختص بحال وجود العين ، ولا يدلّ على حكم ما بعد تلفها ، وللقائلين بذلك مسلكان :
أحدهما : أن يكون متعلق الحكم التكليفي ردّ العين ، فيجب ردّ العين على من أخذها. وهذا الاحتمال يستفاد من كلام الشيخ قدسسره في المبسوط ، حيث إنّه ـ بعد بيان تحريم الغصب وإقامة الأدلة الأربعة عليه وذكر النبوي على اليد ما أخذت .. إلخ ـ قال : «والإجماع ثابت على أنّ الغصب حرام ، فإذا ثبت تحريم الغصب فالأموال على ضربين حيوان وغير حيوان ، فأمّا غير الحيوان فعلى ضربين ماله مثل وما لا مثل له ، فما له مثل ما تساوت أجزاؤه ، ومعناه تساوت قيمة أجزائه ، فكلّ هذا له مثل كالحبوب والأدهان والتمور والأقطان والخلول التي لا ماء فيها ، والأثمان ونحو هذا كلّه له مثل ، فإذا غصب غاصب من هذا شيئا فإن كان قائما ردّه ، وإن كان تالفا فعليه مثله ، لقوله تعالى : (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ)» (١) انتهى موضع الحاجة من كلامه زيد في علوّ مقامه.
وقريب منه عبارة التذكرة : «وكلّ من يثبت يده على مال الغير ولا حقّ له في إمساكه وكان المال باقيا وجب عليه ردّه على مالكه ، بلا خلاف ، لقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : على اليد ما أخذت حتّى تؤدّي. ولأنّ حق المالك متعلق بماليّته ، وماليّته لا تتحقّق إلّا
__________________
(١) المبسوط ، ج ٣ ، ص ٥٩ و ٦٠.