مضافا إلى (١) : أنّه يشكل اطّراد التعريف
______________________________________________________
الخصوصيّات عند الأداء ، إذ مقتضى مثليّة كلّيّ هو جواز إعطاء أيّ فرد منه أداء لما في الذمّة ، من غير ملاحظة الخصوصيّات.
(١) هذا هو الإشكال الثاني على تعريف المثليّ بما في كلام المشهور من «أنّه ما تساوت قيمة أجزائه» بناء على إرادة تساوي أفراد الصنف. وحاصل الاشكال : أنّ التعريف إمّا غير جامع للأفراد على تقدير ، وإمّا غير مانع للأغيار.
توضيحه : أنّ «تساوي أفراد الصنف الواحد قيمة» إن أريد به تساويها فيها بالدّقة ـ بحيث لا يكون بينها تفاوت في القيمة أصلا ـ لزم خروج أكثر المثليّات عن التعريف ، وذلك لأنّ أفراد الصّنف الواحد من الأجناس المثليّة وإن كانت متشابهة في جهات ، لكنّها تتفاوت في بعض الخصوصيّات الدخيلة في ماليّة السّلعة.
مثلا إذا كان طنّ من الحنطة الحمراء مائة دينار ـ أي ما يساوي ألف درهم ـ لم تكن قيمة أوقيّة منها درهما ، بل قيمتها أزيد منه ، لتفاوت المبيع جملة لقيمته مفردا ، فلا يصدق تعريف المثليّ ب «ما تساوت قيمة أجزاء صنف واحد» على الحنطة ، مع كونها من أظهر أفراد المثليّ. وهكذا الحال في سائر السّلع والأمتعة.
وإن أريد بتساوي الأفراد قيمة تقارب قيم الجزئيات ـ لا تساويها ـ لم يكن التعريف مانعا للأغيار ، لصدق هذا المعنى على كثير من القيميّات ، فإنّ أفراد القيميّ وإن لم تتساو في الصفات والخصوصيّات ، إلّا أنّ أسعارها متقاربة ، بل ربّما تتساوى. مثلا : الكتابة والفطانة ونحوهما من صفات الكمال دخيلة في قيمة الجارية التي لها أنواع كالروميّة والزنجيّة والتركيّة وغيرها ، فيمكن أن تكون الجارية المضمونة روميّة كاتبة ، ولكن للضامن دفع جارية تركيّة خدومة وفطنة تساوي تلك في القيمة ، فيلزم صدق تعريف المثليّ على الإماء ، مع أنّها من أظهر أفراد القيميّ.
وعلى هذا فتعريف المثليّ إمّا غير جامع للأفراد ، وإمّا غير مانع للأغيار ، فلا جدوى فيه ، ولا بدّ من التماس تفسير آخر له.