ثمّ (١) لا يخفى أنّه ليس للفظ المثليّ حقيقة شرعيّة ولا متشرّعيّة. وليس
______________________________________________________
(١) هذا تتمّة البحث عن معنى المثليّ ، وتمهيد لبيان حكم الشك في كون المضمون مثليّا أو قيميّا. وتوضيحه : أنّ تعرّض الفقهاء لتفسير المثلي والقيميّ منوط بوقوع لفظهما موضوعا لحكم شرعيّ في لسان الدليل ، كموضوعيّة «الصعيد» لجواز التيمّم به ، وموضوعيّة «المفازة والوطن والغناء» لأحكام اخرى ، فلو لم يتعلّق به حكم لم يكن شأن الفقيه تحقيق معنى اللفظ. هذا بحسب الكبرى.
وأمّا بحسب الصغرى فلم يرد لفظ «المثليّ» في نصوص الضمان حتى يبحث عن مفهومه. فالداعي لبيان معناه هو الإجماع على ضمان المثليّ بالمثل ، فيلزم حينئذ تعريفه لتمييز المضمون ، وأنّه مثليّ أو قيميّ.
وعلى هذا نقول : إمّا أن يكون «المثليّ» بمعناه اللغوي وهو المماثل و «الشبيه» (١) وإمّا أن يكون منقولا عن اللغة إلى معنى آخر شرعيّا أو متشرعيّا ، كنقل ألفاظ الصلاة والزكاة والحجّ ونحوها عن معانيها اللغويّة إلى ما ينسبق إلى أذهان المتشرّعة. وإمّا أن يكون بمعناه العرفيّ ، وهو أعمّ من اللغويّ. هذا بحسب الثبوت.
__________________
فما تنتجها المعامل الحديثة يكون مثليّا ، لأنّ ماليّته بجهاته الكلّيّة ، مثل كون الظرف المنتج فيها من القسم الكذائيّ. وكذا الذهب والفضة المسكوكان وغير المسكوكين قبل الصياغة. وأمّا بعدها فإن كانت مصنوعة في المعامل فهي مثليّة أيضا ، لتساوي أفراد كلّ صنف منها في الوزن وعيار الذهب. وإن كانت مصوغة باليد كانت قيميّة ، لاختلاف الصياغة في الصفات الموجبة لتفاوت الرّغبات واختلاف الماليّة. وإن أمكن جعلها مثليّة أيضا ، لإمكان صوغ أسورة عديدة متساوية وزنا وقدرا.
هذا كلّه إذا أحرز كون المضمون مثليّا أو قيميّا. وأمّا إذا شكّ فيه ، فسيأتي البحث عنه في آخر هذا الأمر الرابع إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) المصباح المنير ، ص ٥٦٣.