من ملاحظة أنّ الأصل (١) الذي يرجع إليه عند الشك هو الضمان بالمثل أو بالقيمة أو تخيير المالك أو الضامن بين المثل والقيمة؟
ولا يبعد أن يقال (٢) : إنّ الأصل هو تخيير الضامن ، لأصالة (٣) براءة ذمّته
______________________________________________________
(١) ظاهره هو الأصل العمليّ من البراءة أو الاشتغال ، لكن المراد به أعمّ منه ومن الأصل اللفظيّ ، لما سيأتي من الاستدلال بحديث «على اليد» على تخيير المالك.
(٢) أشرنا آنفا إلى أنّ المصنّف قدسسره رجّح بدوا تخيير الضامن في مقام تفريغ ذمّته بين أداء المثل والقيمة. وهو مبنيّ على أمرين :
أحدهما : جريان أصالة البراءة عن ضمانه بأمر زائد على ما يختاره.
ثانيهما : الإجماع ـ بل الضرورة ـ على عدم وجوب الجمع بين المثل والقيمة.
أمّا الأوّل فتوضيحه : أنّ الضامن يعلم باشتغال ذمته بما تلف عنده من مال الغير ، ولكنّه ـ عند الشكّ في كون التالف مثليّا وقيميّا ـ إذا أدّى أحدهما إلى المالك يشكّ في اشتغال عهدته بأمر زائد على ما أدّاه ، ومن المعلوم جريان أصالة البراءة النافية لضمانه بشيء آخر. فإن دفع المثل نفى ضمانه بالقيمة بالأصل. وإن دفع القيمة نفى به ضمانه بالمثل.
هذا بناء على ما حقّق في الأصول من جريان الأصل في الأحكام الوضعيّة كجريانه في التكليفيّة. وإن قلنا باختصاص الجعل بالتكليف جرى الأصل في منشأ الانتزاع وهو وجوب الغرامة.
وأمّا الثاني فلأنّه لولا الإجماع على عدم وجوب الجمع بين الخصوصيّتين اقتضت أصالة الاشتغال دفع المثل والقيمة معا تحصيلا للقطع بالفراغ.
وبتماميّة الأمرين يتّضح وجه تخيير الضامن.
(٣) بناء على كون الفرق بين المثل والقيمة هو الفرق بين الأقلّ والأكثر ، فيكون الشك في وجوب المثل شكّا في وجوب الأكثر. وأمّا بناء على كونهما من قبيل المتباينين ـ لكون المراد من القيمة في المقام النقد الواقع ثمنا كالدينار والدرهم ـ