ولكن يمكن أن يقال (١) : إنّ القاعدة المستفادة
______________________________________________________
(١) هذا إشارة إلى دليل آخر على أصل الحكم بضمان المثليّ بالمثل ـ كما سيأتي تصريحه به في المتن بقوله : نعم الانصاف عدم وفاء الآية كالدليل السابق عليه بالقول المشهور ـ والظاهر أنّ غرضه قدسسره من التعرّض له هنا ـ بعد الفراغ عمّا يقتضيه الأصل العمليّ في الشك في كون التالف مثليّا وقيميّا ـ هو : استفادة حكم المسألة من الدليل الاجتهاديّ أعني به إطلاق أخبار الضمان مقاميّا ، في قبال ما تقدّم من استفادته من الأصل العمليّ المقتضي لتخيير الضامن شرعا ، أو تخيير المالك كذلك ، أو التخيير عقلا.
__________________
ولا تجري أصالة البراءة في إحدى الخصوصيّتين ـ وهي المثليّة ـ ليكون نتيجته تخيير الضامن ، وذلك لكون المقام من المتباينين كما مرّ سابقا ، لا من الأقل والأكثر.
كما لا تجري أصالة التعيينيّة القاضية بتعيّن المثل ، لأنّ موردها العلم بوجوب شيء تعيينا أو تخييرا ، كوجوب تقليد المجتهد الأعلم المردّد بين كونه بنحو التعيينيّة والتخييريّة. وهذا أجنبيّ عن مطلوبيّة كلّ واحدة من الخصوصيّتين كالمثليّة والقيميّة ، فإنّ الضمان تعلّق بالخصوصيّة المثليّة أو القيميّة.
كما لا وجه لتخيير المالك ، ببيان : أنّ ما يختاره المالك إمّا هو البدل الواقعيّ الذي اشتغلت به ذمّة الضامن ، فيكون مسقطا قهريّا ، وإمّا هو بدل البدل ، لرضاء المالك بغير الجنس في مرحلة الوفاء ، فيكون مسقطا أيضا. فمختار المالك مسقط للذمّة قطعا دون غيره ، لأنّه مشكوك المسقطيّة ، والأصل عدم سقوطه إلّا بما يختاره المالك.
إذ فيه : أنّ الكلام في إجراء الأصل بالإضافة إلى ما اشتغلت به ذمّة الضامن من المثل بالخصوص أو القيمة كذلك ، لا بالنسبة إلى ما يرضى به المالك بدلا عن ماله التالف ، لأنّه قد يكون القيمة في المثليّ والمثل في القيميّ ، وقد يكون شيئا آخر ممّا لا ينضبط. ومن المعلوم أنّ دفعهما معا مستلزم للعلم بأداء ما في الذمّة ، سواء رضي المالك بأحدهما بالخصوص أم لا. فالقطع ببراءة الذمّة لا يتوقّف على دفع ما يختاره المالك ، ونسبة الأصل إلى كليهما على حدّ سواء.