وقد استدلّ (١) في المبسوط والخلاف على ضمان المثليّ بالمثل والقيميّ بالقيمة بقوله تعالى (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ) (١) بتقريب : أنّ مماثل ما اعتدى هو المثل في المثليّ والقيمة في غيره (٢).
______________________________________________________
(١) هذا وجه ثالث استدلّ به للقول المشهور ، وهو ضمان التالف المثليّ بالمثل ، وكان الوجه الأوّل الإجماع المحكيّ ، والثاني الإطلاق المقاميّ ، وقد عرفت أنّ مفاد هذه الوجوه مختلف من حيث إفادة الترتيب بين المثل والقيمة وعدمه.
(٢) ما نسبه المصنف إلى شيخ الطائفة قدسسرهما من استدلاله بالآية الشريفة على ضمان المثليّ بالمثل والقيميّ بالقيمة ـ قد صرّح به في موضعين من غصب الخلاف ، ولم أظفر به في غصب المبسوط بعد ملاحظته بتمامه ، وإنّما استدلّ فيه بالآية الشريفة على ضمان المثليّ بمثله ، لا على ضمان القيميّ بالقيمة.
قال في الخلاف : «المنافع تضمن بالغصب كالأعيان ، مثل منافع الدار والدابّة والعبيد والثياب ، وبه قال الشافعيّ. وقال أبو حنيفة : لا تضمن المنافع بالغصب بحال .. دليلنا ، قوله تعالى (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ). والمثل مثلان ، مثل من حيث الصورة ، ومثل من حيث القيمة. فلمّا لم يكن للمنافع مثل من حيث الصورة وجب أن يلزمه من حيث القيمة. وعلى المسألة إجماع الفرقة. وأخبارهم تدلّ عليها» (٢).
وهذه العبارة صريحة في أنّه قدسسره استظهر من الآية الشريفة ضمان المثليّ بالمثل والقيميّ بالقيمة ، لكون القيمة مثلا للتالف من حيث ماليّته. وهذا المقدار من المماثلة كاف في استفادة ضمان القيميّ بقيمته من الآية المباركة. ونحوه كلامه في ضمان العقار بقيمته ، فلاحظ (مسألة ١٨) من الغصب.
وقال في غصب المبسوط ـ بعد تقسيم الأموال إلى حيوان وغير حيوان ،
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية ١٩٤.
(٢) الخلاف ، ج ٣ ، ص ٤٠٢ ، المسألة : ١١ ، وص ٤٠٦ ، المسألة : ١٨ ، ونحوه كلام ابن إدريس ، فراجع السرائر ، ج ٢ ، ص ٤٨٥.