.................................................................................................
______________________________________________________
المراد بالمثل فيه مثل أصل الاعتداء ، لا مثل المعتدى فيه الذي هو ما نحن فيه ، فتأمّل» (١).
وتوضيحه : أنّ المماثلة بين الاعتدائين ليست بحسب الذات ، لأنّها من ضروريّات كونهما اعتداء. فالمماثلة إنّما تكون بينهما بحسب المعتدى به ، وهو مدخول الباء في قولنا : «اعتدى عليه» بضربة أو بإتلاف ماله أو قطع يده أو غير ذلك.
وجهة المماثلة بالمعتدى به تارة تكون بلحاظ ذاتيهما ، كما إذا اعتدى عليه بالضرب ، فيعتدي عليه بالضرب.
واخرى تكون بلحاظ الكمّ ، كأن يضربه مرّة ، فيشتمه مرّة.
وثالثة بلحاظ الأثر الخاصّ المترتّب عليه ، كأن يضربه ضربا مؤديا إلى بكائه ، فيجازيه بالشتم مثلا المؤدّي إلى بكائه.
ورابعة بلحاظ الماليّة ، كأن يتلف من أمتعة زيد ما يساوي درهما ، فيأخذ زيد درهما من أمواله.
ثم إنّ كلمة «ما» في الآية الشريفة إمّا مصدريّة ، فيكون المعنى «(فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ) اعتدائه». وإمّا موصولة ، فيكون المعنى «(فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ) الذي (اعْتَدى) به (عَلَيْكُمْ)» والمتحصّل من المعنيين واحد ، إذ الجهات الملحوظة في المماثلة بين الاعتدائين ترجع إلى الجهات الملحوظة بين الأمرين المعتدى بهما.
ومرجع مناقشة الرّياض إلى أنّ الظاهر المماثلة في مقدار الاعتداء ، يعني : في جنسه ، فإن كان الاعتداء بالضرب كان جزاؤه به ، فكأنّه قال : «من (اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ) اعتداء (بِمِثْلِ) اعتدائه (عَلَيْكُمْ)» فإن ضربكم فاضربوه ، وإن شتمكم فاشتموه ، هذا بناء على المصدريّة. أو : «(فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ) بشيء هو مثل الظلم الذي وقع (عَلَيْكُمْ) ، فان شتمكم فاشتموه» وهذا بناء على كون «ما» موصولة. والمعنى على التقديرين واحد ، وهو المماثلة في نوع الظلم كالشتم والضرب.
__________________
(١) رياض المسائل ، ج ٢ ، ص ٣٠٣ ، السطر ٣٢.