لا المعتدى به (١). وفيه نظر (٢).
______________________________________________________
(١) يعني : لا مقدار المعتدى به ، كما إذا ضربه مرّتين ، فلا تدلّ الآية على ضربه مرّتين.
(٢) وجهه ـ على ما حكي عنه في الحاشية ـ أنّ ظاهر الآية اعتبار المماثلة في الاعتداء والمعتدى به (*).
__________________
(*) فيه : أنّ المماثلة في مقدار الاعتداء لا تنفكّ عن المماثلة في مقدار المعتدى به ، فتأمّل.
والانصاف أنّ الآية لا تخلو عن الدلالة على الضمان وإن وردت في الحرب ، لكن لا قصور في دلالتها على الضمان ، فإنّ إطلاق جواز الاعتداء بالمثل يشمل المورد وهو الحرب ، غاية الأمر أنّ المراد بالمماثلة هنا المماثلة في نفس الاعتداء في الزمان ، يعني : إذا حاربكم المشركون في أشهر الحرام ، فيجوز لكم أن تحاربوهم في أشهر الحرام أيضا. وإن لم يلزم المماثلة في نفس الحرب ، كما إذا قتلوا من المسلمين عددا خاصّا أو رمى أحدهم سهما في عين مسلم أو قطع رجله ، فلا يجب أن يكون الجزاء مثله ، فإنّ اعتبار هذه المماثلة منفيّ بدليل خارجيّ.
فالمماثلة في الآية المباركة بمعونة الدليل الخارجيّ متمحّضة في الحرب في الشهر الحرام ، لا في كيفية الحرب. وهذا التقييد لانفصاله لا ينافي إطلاق اعتبار المثليّة في سائر الموارد.
ولذا قال في مجمع البيان : «وفي هذه الآية دلالة على أنّ من غصب شيئا وأتلفه يلزمه ردّ مثله. ثمّ إنّ المثل قد يكون من طريق الصورة في ذوات الأمثال ، ومن طريق المعنى كالقيم فيما لا مثل له» (١).
فما قيل من : أنّ الآية أجنبيّة عن الضمان بتقريب «أنّ ظاهرها أنّ الكفّار إن اعتدوا عليكم فاعتدوا عليهم ، كما أنّهم اعتدوا عليكم ، فإذا لم يكن المثل في موردها كذلك
__________________
(١) مجمع البيان ، ج ١ ، ص ٢٨٨.