كما يشهد به (١) ملاحظة كلماتهم في بيع عبد من عبدين.
______________________________________________________
كما إذا كان لزيد عبد روميّ أبيض اللون كاتب ، فاقترضه عمرو منه ، وحصل لعمرو عبد بهذه الأوصاف ، فأتلفه زيد. فإن كان العبد مثليّا لزم القول بالتهاتر القهريّ. لكنّهم قالوا باشتغال ذمّة عمرو بقيمة ما اقترضه من زيد ، وباشتغال ذمّة زيد بقيمة ما أتلفه من عمرو. ومن المعلوم أنّ اشتغال الذمّتين بالقيمة دليل على أنّ العبد عندهم معدود من القيميّات حتى مع وجود المماثل العرفيّ.
وكذا الكلام إذا باع زيد من عمرو ـ سلما ـ عبدا موصوفا بصفات معيّنة ، ثمّ أتلف عمرو عبدا موصوفا بتلك الصفات من زيد ، فبناء على الأخذ بظاهر الآية الشريفة وببناء العقلاء لا بدّ من القول بالتهاتر القهريّ ، وفراغ كلتا الذمّتين عمّا اشتغلتا به ، لكنّهم حكموا بوجوب أداء العبد المبيع سلما إلى المشتري عند الأجل ، ووجوب أداء قيمة العبد المتلف إلى المالك. ومن المعلوم أنّ هذه الفتوى تكشف عن عدم الأخذ بالآية والإطلاق المقاميّ ، فكيف يستدلّ بهما على القول المشهور من ضمان المثليّ بالمثل والقيميّ بالقيمة؟
(١) أي : كما يشهد بعدم حكمهم بالتهاتر ملاحظة كلماتهم .. إلخ. قال المحقّق قدسسره : «إذا اشترى عبدا في الذمّة ، ودفع البائع إليه عبدين ، وقال : اختر أحدهما ، فأبق واحد. قيل : يكون التالف بينهما ، ويرجع بنصف الثمن ، فإن وجده اختاره ، وإلّا كان الموجود لهما ، وهو بناء على انحصار حقّه فيهما. ولو قيل : التالف مضمون بقيمته ، وله المطالبة بالعبد الثابت في الذمّة كان حسنا. وأمّا لو اشترى عبدا من عبدين لم يصحّ العقد ، وفيه قول موهوم» (١).
توضيحه : أنّ مسألة بيع عبد من عبدين يبحث عنها تارة في فروع شرطيّة العلم بالمبيع ، فيقال : كما يصحّ ابتياع الجزء المشاع من الكلّيّ كنصف الدار ، كذلك يصحّ ابتياع الكلّيّ في المعيّن بشرط تساوي الأجزاء كقفيز من كرّ. فلو لم تتساو الأفراد
__________________
(١) شرائع الإسلام ، ج ٢ ، ص ٦٠.