فتبيّن (١) أنّ النسبة بين مذهب المشهور ومقتضى العرف والآية عموم
______________________________________________________
(١) هذه نتيجة الإشكالين المتقدّمين ، ومحصّلها : أنّ الدليل الثاني والثالث على ضمان المثليّ بالمثل ـ وهما الآية والعرف ـ قاصران عن إثبات مدّعى المشهور ،
__________________
الحرب وكيفيّتها وكمّها ، بأن يجازيهم المسلمون في نفس القتال ومقداره ، فإن قتلوا من المسلمين عددا خاصّا بكيفيّة خاصّة كالقتل بالسّهم أو السيف لزم على المسلمين ذلك من دون زيادة ، مع أنّه ليس كذلك.
وإن أريد بالمثل فيها المماثلة في نفس الاعتداء من دون نظر إلى الجنس المعتدى به وكيفيّته ومقداره لزم أن يكون قتالهم جائزا بالاعتداء منهم بالسرقة مثلا ، فإن سرقوا من المسلمين في الأشهر الحرم جاز لهم قتال المشركين فيها. وهذا كما ترى.
فالظاهر أنّ المراد بالمثل بقرينة المورد خصوص القتال من دون لحاظ كمّه وكيفه ، والتّعدّي عنه لا بدّ أن يكون إلى ما هو مناسب له كاللصّ والمهاجم ، فلا وجه للاستدلال بالآية على الضمان أصلا ، فإنّ بناء العقلاء الممضى كاف في إثبات أصل الضمان ، وكيفيّته أي ضمان المثليّ بالمثل والقيميّ بالقيمة. وفي صورة الشك في المثليّة والقيميّة يرجع الى قاعدة الاشتغال على التقريب السابق ، لا إلى عموم الآية ، لما عرفت من أجنبيّتها عن مسألة الضمان.
هذا كلّه مضافا إلى : أنّ الشك في القيميّة يلازم الشك في المثليّة أيضا ، لما مرّ من كونهما متباينين. فالشكّ في حدود مفهوم أحدهما يستلزم الشكّ في حدود مفهوم الآخر ، فلا وجه للرجوع إلى عموم الآية مع الشكّ في حدود مفهوم موضوعه وهو المثل المشهوريّ.
وإلى : أنّ الآية في مقام بيان جواز الاعتداء في مقابل الاعتداء ، فإذا أتلف مال زيد جاز لزيد إتلاف ماله ، وهذا غير الضمان أعني الغرامة ، فلا تدلّ الآية على الضمان ، بل تدلّ على جواز إتلاف مال الغير جزافا.