(فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ) (١) فإنّ الضامن إذا ألزم بالقيمة مع تعذر المثل لم يعتد عليه (٢) أزيد مما اعتدى (٣).
______________________________________________________
وبالجملة : ـ بعد البناء على كون ذمّة الضامن مشغولة بالمثل حتى يعدّ تعذّره وعدم سقوط الأوصاف النوعيّة بدون إسقاط المالك لها ـ لا وجه لإلزام الضامن إيّاه بقبول القيمة ، بل له الانتظار إلى أن يوجد ، إذ المفروض عدم كون تعذّر المثل مسقطا له عن ذمّة الضامن ، وموجبا للانتقال إلى القيمة ، فلا موجب لإلزام المالك بقبول القيمة.
ولا يقاس إعواز المثل بتلف العين ، حتى يقال : إنّ الإعواز يوجب الانتقال إلى القيمة ، كما أنّ تلف العين يوجب الانتقال إلى المثل إن كان مثليّا والقيمة إن كان قيميّا.
وذلك لأنّه لا معنى لبقاء العين التالفة في الذمّة ، لامتناع أدائها بعد تلفها. فالانتقال إلى المثل أو القيمة بالتلف قهريّ ، بخلاف إعواز المثل ، إذ لا مانع من ثبوت كلّيّ المثل في الذمّة إلى زمان الأداء ، ولذا لا يجوز للضامن إلزام المالك بالقيمة. كما لا يجب على الضامن إلّا دفع قيمة يوم الأداء ، لما مرّ من عدم كون الإعواز موجبا للانتقال إلى القيمة ، بل المثل باق في ذمّته إلى يوم الأداء ، فتعتبر القيمة يوم الدفع ، لأنّه زمان الانتقال إلى القيمة.
(١) هذا ثاني الوجهين على وجوب أداء القيمة. وهو مبني على ما تقدم من شيخ الطائفة قدسسره من : أنّ المماثلة أعم من كونها في الصورة ـ وهي المشاركة في الحقيقة ـ ومن كونها في المالية خاصة. وحيث إنّ القيمة مماثلة للتالف في المالية دلّت الآية الشريفة على أنّه يجوز للمالك الاعتداء على الضامن بأخذ قيمة ماله منه ، فمطالبة القيمة اعتداء بالمثل ، لا بأزيد منه حتى تحرم.
(٢) هذا الضمير والضمير المستتر في «اعتدى» راجعان إلى الضامن.
(٣) لأنّ القيمة مثل التالف في الماليّة ، والمفروض دلالة الآية على جواز الاعتداء بالمماثل.