إنّ المشهور (١) أنّ العبرة في قيمة المثل المتعذّر بقيمته يوم الدفع ، لأنّ المثل ثابت في الذمّة إلى ذلك الزمان ، ولا دليل على سقوطه بتعذّره ، كما لا يسقط الدّين بتعذّر أدائه. وقد صرّح بما ذكرنا المحقّق الثاني (٢). وقد عرفت (٣) من التذكرة والإيضاح ما يدلّ عليه (٤).
ويحتمل (٥) اعتبار وقت تعذّر المثل. وهو للحلّيّ في البيع الفاسد ،
______________________________________________________
(١) كما في مفتاح الكرامة ، حيث قال بعد عبارته المنقولة (في ص ٣٨١) : «والحاصل : انّي لم أجد مخالفا منّا في ذلك ، بل ولا متأمّلا في هذا الباب إلّا قوله في الإيضاح : إنّ الاحتمال الرابع أصحّ ، وإلّا قوله في المفاتيح : وقيل وقت الإعواز» (١).
(٢) حيث قال ـ في ردّ القول بضمان أعلى القيم من وقت تلف المغصوب إلى الإعواز ـ ما لفظه : «ويضعّف بأنّ المثل لا يسقط من الذمّة بتعذّره ، وأداء الدين لا يسقط بتعذّر أدائه ، ولهذا لو تمكّن من المثل بعد ذلك وجب المثل دون القيمة ، فما دام لم يأخذ المالك القيمة فالمثل باق في الذمّة بحاله» (٢).
(٣) قبل أسطر ، حيث قال : «وما ذكرنا يظهر من المحكيّ عن التذكرة والإيضاح .. إلخ» (٣).
(٤) أي : ما يدلّ على اعتبار قيمة يوم الدفع ، وكلام التذكرة والإيضاح وإن كان تعليلا لاشتراط دفع القيمة بمطالبة المالك ، لكنّه يدلّ أيضا على أنّ الملحوظ قيمة يوم الدفع ، لترتبه على المطالبة ، إذ لا عبرة بدفع القيمة التي لم يطالبها المالك من الضامن.
(٥) هذا الاحتمال هو القول الثاني في المسألة ، لا محض احتمال ، فإنّ ابن إدريس قدسسره اختاره في بعض موارد البيع الباطل ، حيث قال : «وإن أعوز المثل فعليه ثمن المثل
__________________
(١) مفتاح الكرامة ، ج ٦ ، ص ٢٤٣.
(٢) جامع المقاصد ، ج ٦ ، ص ٢٥٤.
(٣) تذكرة الفقهاء ، ج ٢ ، ص ٣٨٣ ؛ إيضاح الفوائد ، ج ٢ ، ص ١٧٥.