ودعوى (١) اختصاص الآية وإطلاقات الضمان بالحكم بالقيمة بتعذّر المثل ابتداء لا يخلو عن تحكّم (٢) (*).
______________________________________________________
(١) غرض المدّعي الذبّ عن مقالة المشهور من ضمان قيمة يوم الدفع ، ببيان : أنّ الآية والإطلاق وإن اقتضيا اعتبار قيمة يوم الإعواز ، لكنّهما مختصّان بالتعذّر الابتدائيّ ، بأن لم يوجد مماثل التالف من أوّل الأمر ، فيقال بضمان القيمة يوم الإعواز. وهذا أجنبيّ عمّا نحن فيه من التعذّر الطاري ، فالذمّة مشغولة بالمثل ، لوجوده حال تلف العين ، وإعوازه لا يوجب الانقلاب إلى القيمة ، بل الموجب له هو الاسقاط بتسليم الثمن إلى المالك.
(٢) إذ المناط في كليهما تعذّر وجود المثل ، وهو جار في القيميّ والمثليّ الذي تعذّر وجوده ، سواء أكان طارئا أم ابتدائيّا. ولا مقيّد في البين حتى تختصّ الآية بالتعذّر البدويّ.
لكن يمكن إبداء الفرق بينهما بأنّ اعتبار المثل في القيميّ لغو ، إذ المفروض عدم كونه مرجوّ الحصول ، بخلاف المثل المتعذّر في المثليّ ، فإنّه مرجوّ الحصول. وهذا الفرق يوجب الفرق بين القيميّ والمثليّ المتعذّر المثل عند العرف المحكّم في باب الضمانات ، فإنّ تضمين الضامن بالمثل في القيميّات لا أثر له ، فيلزم اللغويّة بل الامتناع ، لكونه من التكليف بغير المقدور ، إذ لا يرجى وجوده في زمان حتى يصحّ إشغال ذمّته بالمثل ، فمن أوّل الأمر يجعل في ذمّته القيمة. فلا تحكّم في الفرق بين القيميّ المتعذّر مثله إلى الأبد وبين المثليّ المتعذر مثله المرجوّ وجوده بعد حين ، بانقلاب القيميّ بمجرّد إعوازه إلى القيمة ، وانقلاب المثل المتعذر إلى القيمة يوم الدفع.
وقد تحصّل من كلمات المصنّف قدسسره : أنّ المشهور بين الأصحاب اعتبار قيمة يوم الدفع ، وغير المشهور هو اعتبار قيمة يوم إعواز المثل. وسيأتي الكلام في وجوه اخرى ذكرها العلّامة في التذكرة والقواعد.
__________________
(١) قد يتمسك لإثبات القيمة بقاعدة الميسور ، بتقريب : أنّ دفع المثل الواجد.