.................................................................................................
__________________
الثالث : ما في المتن من : أنّ منع المالك ظلم ، وإلزام الضامن بالمثل منفيّ بالتعذّر ، ومقتضى الجمع بين الحقّين وجوب القيمة.
وفيه : أنّ كون منع المالك عن القيمة ظلما منوط بثبوت القيمة على عهدة الضامن ، وهو أوّل الكلام ، ومع ضمان المثل إلزام الضامن بغير ما للمضمون له لعلّه ظلم.
ودعوى «اشتمال المثل على الماليّة ، فتعذّره لا يسلب سلطنة المالك عن الماليّة ، فله مطالبة القيمة» مدفوعة بما مرّ آنفا من عدم كون شؤون العين مضمونة. فالعهدة لا تشتغل إلّا بالمثل ، لا به وبالقيمة ، ولا دليل على كون التعذّر بمجرده موجبا للانقلاب كما تقدّم.
نعم إذا تعذّر المثل إلى الأبد أو إلى أمد بعيد كان منع المالك عن القيمة ظلما. فإطلاق كلام المصنّف القاضي بوجوب القيمة مع التعذّر ولو إلى أمد قريب محلّ النظر.
كما أنّ ما أفاده من الجمع بين الحقّين أيضا محلّ التأمّل ، لأنّ نفي الإلزام بالتعذّر غير ثبوت الحق للضامن ، كما أنّه ليس للمالك حقّ المطالبة مع تعذّره ، وحقّ مطالبة القيمة له غير ثابت مع اشتغال الذمّة بالمثل فقط.
الرابع : ما في المتن أيضا من التمسّك بقوله تعالى (فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ) حيث إنّ الضامن إذا ألزم بالقيمة مع تعذّر المثل لم يعتد عليه أزيد ممّا اعتدى.
وكذا إطلاقات أدلّة الضمان ، إذ المتبادر منها وجوب الرجوع إلى ما هو الأقرب إلى التالف بعد تعذّر المثل ، وهو القيمة. فالتعذّر يوجب الانتقال إلى القيمة ، كالتعذّر الابتدائي في القيميّات. ولا فرق بين التعذّر الابتدائيّ والعارضيّ.
وفيه أوّلا : أنّ الآية وردت في الاعتداء الحربيّ ، وليست راجعة إلى باب الضمان أصلا.
وثانيا : أنّه ـ بعد الغضّ عمّا ذكر ـ لا يكون إلزام الضامن بالقيمة اعتداء بالمثل ، بل بغيره ، ولم يرخّص الشارع فيه.