.................................................................................................
__________________
بمجرّد تعذّر المثل ، بمعنى انقلاب ما في ذمّة الضامن من المثل إلى القيمة ، أو بمعنى سلطنة المالك على مطالبة ماليّة ماله وإن كان المثل في ذمة الضامن. وذلك إمّا لكون المثليّة من حقوق المالك ، وله إسقاطها. وإمّا لكون الصبر ضررا عليه.
لكن ينبغي تقييد سلطنة المالك على مطالبة القيمة بما إذا لم يكن دفع القيمة مضرّا بحال الضامن أزيد من الضرر الوارد من نفس الضمان ، وإلّا فليس للمالك مطالبة القيمة ، إلّا إذا كان الضمان اعتدائيّا ، كما إذا غصب الضامن أو قبض المبيع مع علمه بفساد المعاملة ، فإنّ الإقدام حينئذ يوجب جواز المطالبة منه بالقيمة وإن كانت ضررا عليه.
فتلخّص من جميع ما ذكرنا : أنّه لا دليل على انقلاب المثل عند إعوازه إلى القيمة وإن قلنا بجواز مطالبة القيمة لجهة من الجهات ، فإنّ إعواز المثل لا يخرج المضمون عن المثليّة ، ولذا لو فرض الإعواز في مدّة طويلة ثم وجد المثل وجب بحكم العقلاء أداء المثل ، ووجب على المالك قبوله ، وليس له الامتناع. ولو امتنع ردّه إلى الحاكم.
فأداء القيمة عند إعواز المثل نحو أداء له في هذه الحالة من دون انقلاب العين إليها ، فإنّ انقلاب المباين إلى مثله بمجرّد التعذّر ممّا لا يساعده دليل ، إذ بقاؤه في الذمّة ليس منوطا بوجوده خارجا ، وإلّا لم يصحّ إحداثه كما في السّلم ، فإنّ بيع حنطة في الذمّة إلى أجل معلوم مع عدم وجودها حين البيع صحيح بلا إشكال. فلو كان وجود الكلّيّ خارجا شرطا لاشغال الذمّة بالكلّيّ لم يصحّ بيع السلف في هذه الصورة أصلا.
ومنه يظهر عدم الإشكال في بقائه على الذمّة ، وعدم انقلابه بمجرّد إعواز أفراده إلى كلّيّ آخر ، فإنّ البقاء لا يزيد على الحدوث ، فعدم وجود المثل في الخارج لا يوجب انقلاب الحقيقة المثليّة إلى الحقيقة القيميّة المباينة لها ، إذ ليس الميزان في القيميّ عدم وجود المثل له في الخارج.
والحاصل : أنّ إعواز المثل لا يوجب خروج الشيء عن المثليّة ، وهو الموافق لارتكاز العقلاء أيضا في باب الضمانات ، ولذا لو أعوز المثل مدّة طويلة ، ثم وجد