.................................................................................................
__________________
وأمّا ما أفيد من «عدم ضمان الماليّة قبل التلف وإن كانت موجودة» فإن أريد بها القيمة السوقيّة فلا بأس به ، لما قيل من أنّ مجرّد زيادة القيمة السوقيّة ما لم ترجع إلى وجود وصف أو فقدانه لا توجب الضمان ، لعدم مساعدة العرف عليه ، إذ القيمة معتبرة بإزاء الشيء وصفاته الموجبة للرغبات ، ولا تلاحظ القيمة وصفا لنفس الشيء.
وإن أريد بها الأعمّ منها ومن الأوصاف الدخيلة في الرغبات ، فهي مضمونة بدليل الضمان كما تقدّم.
وعليه فالأولى أن يقال : إنّ مقتضى هذا المبنى ـ أي : كون العين في الذمّة ـ وجوب الخروج عن عهدة العين التي في عهدته. بأداء قيمتها التي هي نحو أداء لها ، والعرف يحكم بأنّ أداءها يتحقق بأداء قيمتها الفعلية ، لا القيم الأخر ، فلو كان قيمتها حال الأداء مائة مثلا وقبله خمسين ، فأداء الخمسين ليس نحو أداء لها.
وكذا الحال بناء على كون مفاد دليل الضمان ضمان المثل في المثليّ والقيمة في القيميّ ـ في قبال المبنى المتقدّم وهو ضمان نفس العين ـ فإنّه بناء على بقاء المثل في الذمة إلى وقت الأداء وعدم انقلابه بالتعذّر إلى القيمة يجري فيه ما مرّ من كون العبرة بقيمة يوم الأداء.
وأمّا بناء على انقلاب المثل بتعذّره إلى القيمة ، فإن كان التعذّر بدويّا أي من زمان تلف العين ـ فالعبرة بقيمة العين يوم التلف ، لأنّه يوم الانقلاب إلى القيمة.
ولا وجه لاعتبار قيمة الأزمنة المتخللة بين تلف العين وأداء القيمة ، إذ القيمة في تلك الأزمنة فرضيّة لا حقيقيّة. فالضمان إنّما ثبت في الماليّة الموجودة ، وهي زمان تلف العين ، فالقيمة قيمة العين ، لا قيمة المثل حتى يلاحظ قيمة يوم الأداء ، نظرا إلى ثبوت كلّيّ المثل في الذمّة إلى زمان الأداء.
وإن كان التعذّر طارئا ، فعلى القول بكون المثل والقيمة كليهما غرامة نفس العين ـ وأنّ ضمان المثل في المثليّ لسدّ خلل مال الغير بمقدار الإمكان ، وهو ماهيّته النوعية ،