وقد يقال (١) على المحقّق المذكور : إنّ اللازم ممّا ذكره أنّه لو ظفر المالك بالمثل قبل أخذ القيمة لم يكن له المطالبة. ولا أظنّ أحدا يلتزمه (٢). وفيه تأمّل (٣).
______________________________________________________
(١) هذا هو الإيراد النقضيّ الذي أورده صاحب الجواهر على المحقّق الكركي قدسسرهما القائل بضمان قيمة يوم التلف في تعذّر المثل ابتداء.
وحاصل النقض : أنّه لو كان الوجه في الانتقال إلى قيمة وقت التلف عدم تنجّز التكليف بالمثل على الضامن في وقت من الأوقات انتقض كلامه بما إذا كان المثل متعذّرا من أوّل الأمر ، ولكن لم يأخذ المضمون له القيمة ، ثم وجد المثل.
والوجه في ورود النقض هو : أنّ المحقّق الكركي يدّعي اشتغال ذمّة الضامن في هذا التعذّر البدويّ بثمن المثل من حين تلف العين المضمونة ، ولم يستقرّ في عهدته المثل أصلا ، فالتمكّن من المثل بعد التلف لا يوجب تبدّل القيمة به. مع أنّه لا سبيل للالتزام بكفاية دفع القيمة مع وجود المثل.
وهذا كاشف عن غموض ما أفاده المحقّق الثاني من عدم اشتغال الذمّة بالمثل في موارد التعذّر البدويّ. فالصحيح اتّحاد التعذّر البدويّ والطارئ حكما ، هذا.
(٢) أي : يلتزم بعدم جواز مطالبة المثل من الضامن إذا تيسّر المثل بعد إعوازه وقبل أخذ القيمة. والوجه في عدم الالتزام بعدم جواز المطالبة هو اشتغال الذّمّة بالمثل.
(٣) تأمّل المصنّف قدسسره في ورود هذا النقض على المحقّق الثاني ، وذلك لإمكان الالتزام بجواز المطالبة بالمثل في مورد النقض ، وهو لا ينافي اشتغال الذّمّة بالقيمة في التعذّر الابتدائيّ. والوجه في عدم التنافي بين الحكمين هو : أنّ اشتغال الذّمّة بالمثل مشروط بالتمكّن منه ، ولمّا كان متعذّرا حين التلف ـ كما هو المفروض ـ قلنا : إنّه لا يتنجّز التكليف بالمثل على الضامن ، فإن دفع القيمة سقط المثل عن ذمّته.
__________________
ثمّ إنّ الحقّ عدم الفرق في الحكم الوضعي أعني به اشتغال ذمّة الضامن بالمثل بين صورتي التعذّر البدوي والطاري ، كما في القرض والسّلم.
نعم في الحكم التكليفيّ ـ أعني به وجوب الأداء ـ يكون بينهما فرق ، فإنّه في التعذّر البدويّ يمتنع الوجوب ، لامتناع أداء المثل دائما إذا كان التعذّر كذلك ، لكنّه لا يمتنع