قد عرفت (١) أنّ للمالك مطالبة الضامن بالمثل عند تمكّنه ولو كان في غير بلد الضمان ، وكان قيمة المثل هناك أزيد (٢).
وأمّا مع تعذّره وكون قيمة المثل في بلد التلف مخالفا لها في بلد المطالبة ، فهل له (٣) المطالبة بأعلى القيمتين ، أم يتعيّن قيمة بلد المطالبة ، أم بلد التلف؟ وجوه (٤) (*)
______________________________________________________
ثانيها : تعيّن قيمته في بلد المطالبة.
ثالثها : أعلى القيمتين. وسيأتي وجه كلّ منها إن شاء الله تعالى.
(١) يعني : في أواخر المسألة الخامسة ، حيث قال : «ثمّ إنّه لا فرق في جواز مطالبة المالك بالمثل بين كونه في مكان التلف أو غيره .. إلخ» فراجع (ص ٣٦٩).
(٢) وذلك لأنّ المضمون هو المثل ، فلا بدّ من أدائه إلى المالك من دون لحاظ قيمته.
(٣) أي : للمالك.
(٤) أمّا الاعتبار ببلد التلف فلعلّه مبنيّ على انقلاب ما في الذّمّة من المثل إلى القيمة ، وكون القيمة قيمة العين ، لأنّ دخالة خصوصية بلد التلف في ماليّة العين تقتضي لزوم جبران تلك الماليّة في بلد المطالبة إن كان غير بلد التلف ، فإنّ تلك المرتبة من الماليّة الناشئة من خصوصيّة بلد تلف العين لا بدّ من تداركها ، لفرض كونها ماليّة تحقيقيّة ، لا تقديريّة حتى لا تضمن.
وأمّا الاعتبار ببلد المطالبة فلعلّه مبنيّ على بقاء العين أو المثل في الذّمّة إلى زمان المطالبة ، إذ القيمة الّتي يدفعها الضامن تكون قيمة لما في الذّمّة ، فإذا استحقّ
__________________
(*) الأوجه أن يقال ـ كما أفيد ـ في إتلاف المال في بلد ومصادفة المالك للمتلف في بلد آخر لا يوجد مثله فيه مع اختلاف قيمة ذلك البلد لقيمة بلد التلف : إنّ العبرة بقيمة بلد المطالبة ، لبقاء المثل في الذّمّة ، فللمالك مطالبته به متى شاء وأينما شاء ، لأنّ الحقّ له ، فالمناط قيمة زمان الدفع ومكانه ، فحال المكان حال الزمان في ذلك.