فرع (١) : لو دفع القيمة في المثل المتعذّر مثله ، ثمّ تمكّن من المثل
______________________________________________________
القدرة على المثل بعد دفع القيمة
(١) هذا فرع آخر ممّا تعرّض له المصنّف من المباحث المتعلّقة بإعواز المثل ، وهو : حكم تمكّن الضامن من أداء المثل بعد تعذّره ودفع قيمته إلى المالك ، فهل يجب عليه أداء المثل أم لا؟ ذكر المصنف مباني ثلاثة ، يقتضي اثنان منها عدم الوجوب ، ويحتمل الوجوب بناء على الثالث.
وتوضيحه : أنّه إمّا أن نقول بعدم سقوط المثل عن الذّمّة بسبب التعذّر ، وإمّا أن نقول بسقوط المثل بسبب تعذّره واستقرار القيمة. وبناء على الانقلاب نقول تارة :
إنّ المغصوب بمجرّد تعذّر مثله يصير قيميّا ، واخرى : إنّ نفس المثل بتعذّره ـ الذي هو كالتلف ـ يصير قيميّا. فهذه مبان ثلاثة.
فعلى الأوّل ـ وهو عدم سقوط المثل بالإعواز ـ لا يجب دفع المثل إلى المالك ، لأنّ ما في الذّمّة كان هو المثل إلى زمان دفع القيمة ، ولمّا كان إعطاء القيمة بالتراضي فقد سقط المثل ، لكونه من قبيل الوفاء بغير الجنس مع التراضي ـ كما في القرض ـ ومن المعلوم سقوط ما في الذّمّة به ، فلا وجه لوجوب دفع المثل بعد التمكّن منه.
وعلى الثاني ـ وهو سقوط المثل بالتعذر وصيرورة المغصوب المثليّ قيميّا ـ لا يجب أداء المثل أيضا ، لكون سقوطه بدفع القيمة أولى من الفرض الأوّل ، لأنّ نفس القيمة المدفوعة مصداق لكلّيّ القيميّ الثابت في ذمّة الضامن ، ومن المعلوم أنّ دفع مصداق الطبيعيّ رافع لما في العهدة حقيقة.
وبعبارة اخرى : إنّ نفس القيمة حقّ المضمون له واقعا ـ بناء على انقلاب المضمون المثليّ إلى قيمته ـ فأداؤها إلى المالك أداء حقّه الواقعيّ ، فيتعيّن سقوط الضمان حينئذ.
وعلى الثالث ـ وهو سقوط المثل وانقلابه بقيمته لا بقيمة العين ـ يكون السقوط لأجل كون القيمة بدل الحيلولة عن المثل. فمع التمكّن من أدائه يحتمل وجوب المثل.