أنّ «اليوم» قيد للقيمة ، إمّا بإضافة القيمة المضافة إلى البغل (*)
______________________________________________________
إلى اليوم ، فيكون المتحصّل من هذه الإضافة : أنّ المضمون قيمة يوم المخالفة ، يعني : قيمة البغل الثابتة له يوم الغصب ، وهو زمان الميل عن قنطرة الكوفة إلى النيل.
وإمّا بجعل «اليوم» قيدا للاختصاص الحاصل من إضافة القيمة إلى البغل ،
__________________
(*) لا يخفى أنّه قد اختلفت نسخ الحديث ، ففي الكافي والوسائل ومرآة العقول نقلها بتنكير «البغل» في كلام أبي عبد الله عليهالسلام الدالّ على ضمان الكراء وضمان البغل. وفي الوافي والتهذيب نقله معرّفا باللام في جميع الموارد. وفي غصب الوسائل نقله منكّرا في بعض الموارد ومعرّفا في بعضها الآخر.
وكيف كان فالظاهر أنّ أبا حنيفة تمسّك فيما حكم به من عدم ضمان أجرة المثل بحديث «الخراج بالضمان» بزعم أنّ الخراج ـ أي المنافع ـ بإزاء ضمان العين ، فكأنّ قيمة العين عوض منافعها ، لأنّ ماليّة العين إنّما هي بإزاء منافعها ، فالقيمة المبذولة بإزائها إنّما هي قيمة فوائدها ، لأنّ العين المجرّدة عن المنافع لا ماليّة لها. وهذا شيء لا تستبعده العقول ، فيما إذا تلفت العين تحت يد من استوفى خراجها.
لكن ما حكم به أبو حنيفة مخالف للعقل والعدل الإسلاميّ ، ولذا استرجع صاحب البغل ، وتحلّل منه أبو ولّاد ، إذ المفروض بقاء العين واستيفاء المنافع ، فلو لم يضمن من استوفاها كان ظلما على المالك ، هذا.
ثمّ إنّ الظاهر عدم الفرق في صحة الاستدلال بالصحيحة بين تنكير البغل وتعريفه في مقدار الكراء ، لما مرّت إليه الإشارة سابقا من عدم دخل الهويّة بما هي في القيم والرغبات. وإنّما الدخيل فيها هو الخواصّ والأوصاف الموجبة لاختلاف القيم والرّغبات ، مثل كون البغل قويّا سريع السير مرتاضا غير شموس ، فقوله عليهالسلام : «له عليك كراء بغل ذاهبا من الكوفة إلى النيل» يراد به البغل المماثل لبغله بحسب فهم العرف وارتكاز العقلاء ، لا كراء كلّ بغل شاء ، سواء كان مخالفا لبغله أم لا. ومع المماثلة لا فرق بين كراء شخص بغله وكراء مماثله ، كما لا يخفى.