وهذا (١) بخلاف ما لو اعتبرنا يوم التلف ،
______________________________________________________
(١) هذا مرتبط بقوله : «فإنّ العبرة لو كانت بخصوص يوم المخالفة» وتتمّة للمؤيّد الثاني ، وحاصله : أنّ مدلول الصحيحة إن كان ضمان قيمة يوم التلف لم يلزم خرق قواعد باب القضاء أصلا ، لإمكان حمل حكمه عليه الصّلاة والسّلام «بتقدّم قول المكاري بيمينه» على صورة من صور نزاعهما في قيمة البغل ، وحمل حكمه صلوات الله وسلامه عليه بقبول بيّنته على صورة أخرى.
توضيحه : أنّ اختلاف المكاري وأبي ولّاد في قيمة البغل يفرض تارة فيما إذا اتّفقا على قيمته يوم المخالفة بأن كانت خمسين درهما مثلا ، وادّعى أبو ولّاد نقصان ثمنه يوم التلف بأن صارت أربعين درهما ، وأنكر المكاري هذا النقص ، فيحمل قوله عليه الصّلاة والسّلام : «إمّا أن يحلف هو على القيمة فيلزمك» على هذه الصّورة ، وهو مطابق لقاعدة «البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر» وحيث إنّه لا بيّنة لأبي ولّاد على دعوى نقصان القيمة يتجه قبول قول المكاري بيمينه ، لموافقته لاستصحاب بقاء قيمة البغل على حالها.
وأخرى فيما إذا اتّفقا على عدم تغيير قيمته السوقيّة من زمان الغصب إلى زمان التلف ، وإنّما اختلفا في قيمته السابقة ، فالمكاري يدّعي أنّها خمسون درهما ، والغاصب ينكره ويقول إنّها أربعون درهما. ويحمل قوله عليه الصّلاة والسّلام : «أو يأتي صاحب البغل بشهود ..» على هذه الصّورة ، لكون الغاصب منكرا للزيادة ، ويطابق قوله للأصل ، والمكاري مدّعيا للزيادة ، وعليه إقامة البيّنة على أنّ قيمة البغل خمسون درهما ، وليس في هذا مخالفة لقانون القضاء «البيّنة على المدّعي» بل هو مصداق للقاعدة المسلّمة.
وثالثة فيما إذا اتّفقا على قيمة البغل يوم الغصب وأنّها خمسون درهما مثلا ، وادّعى المالك ارتفاعها إلى ستّين درهما يوم التلف ، وأنكر الغاصب هذا الارتفاع ، وأنّ القيمة لم تزدد على الخمسين. وهذه الصّورة وإن لم تذكر في الصحيحة ، لكن يعلم