.................................................................................................
______________________________________________________
وقد تقدّم بيان المصنّف قدسسره في كيفيّة الدّلالة.
وأمّا دلالة الصحيحة على ضمان أعلى القيم من زمان الغصب إلى التلف فلم يبيّنها الشهيد الثاني قدسسره ويمكن توجيهما بوجهين.
أحدهما : استفادة الحكم من جملة «نعم قيمة بغل يوم خالفته» بإلغاء المعنى الحدثي ، وإرادة المعنى الاسمي على ما سيأتي توضيحه في التعليقة. ولعلّ هذا الوجه ظاهر الجواهر ، حيث قال قدسسره : «اللهم إلّا أن يقال : إنّه بناء على تعلّق الظرف بالفعل المستفاد من قوله : نعم ، يكون المراد أنّ ابتداء الضمان من ذلك اليوم إلى يوم التلف ، فيضمن الأعلى منه حينئذ. بل إن جعل متعلقا بالقيمة يكون المراد منه ذلك أيضا ، لعدم معقولية ضمان القيمة مع وجود العين ، فيكون الحاصل : أنه تلزمه القيمة مع العطب من يوم المخالفة» (١).
ثانيهما : استفادة الحكم من مجموع الجملتين ، وهما : قوله عليهالسلام : «قيمة بغل يوم خالفته» وقوله عليهالسلام : «عليك قيمة ما بين الصّحّة والعيب يوم تردّه». بتقريب : أنّ القيمة المضمونة ليست خصوص قيمة يوم الغصب ، بل المستقرّ على ذمّة أبي ولّاد ـ عند تعيّب البغل ـ هو إحدى القيم من زمان الغصب إلى زمان التلف ، أو إلى ردّه معيبا إلى المكاري. ومن المعلوم اقتضاء إطلاق القيمة بين هذين الوقتين ضمان الجامع بين القيم ، وأداء هذا الجامع منوط بدفع الأعلى.
فلو كان ثمن البغل يوم المخالفة خمسين درهما مثلا ، ثم ارتفع إلى ستّين ، وتنزّل إلى أربعين ، وكان في يوم تلفه أو يوم ردّه معيبا خمسا وأربعين كان على عهدة الضامن ستّون درهما ، لإطلاق قوله عليهالسلام «عليك قيمة ما بين الصّحّة والعيب» لاستقرار القيمة العليا بمجرّد ارتفاع القيمة في الفترة بين الغصب والرّد ، أو بين الغصب والتلف. ولا تفرغ الذّمّة بأداء القيمة النازلة ، لعدم كونها جامعة بين القيم المختلفة في المدة التي كانت العين تحت يد الغاصب.
__________________
(١) جواهر الكلام ؛ ج ٣٧ ، ص ١٠٤.