نعم (١) يمكن توجيه الاستدلال المتقدم من كون العين مضمونة في جميع
______________________________________________________
حكي عنه. إلّا أنّك قد عرفت فيما تقدّم اقتضاء القاعدة المزبورة ضمان الأعلى مع فواته وإن ردّ العين نفسها ، وهو مخالف للإجماع بقسميه ، بل قد عرفت عدم الضّمان فيما لو منعه من بيع ماله بقيمة عالية» (١).
وحاصله : أنّ الضامن مكلّف بأداء العين ما دامت موجودة مهما كانت قيمتها ، ولم تشتغل ذمّته بالبدل حتى تقتضي قاعدة نفي الضرر الاشتغال بأعلى القيم.
هذا تمام الكلام في الوجه الثاني مما استدلّ به على ضمان أعلى القيم من زمان الغصب إلى زمان التلف ، وسيأتي تقريبه بوجه آخر يمكن جعله وجها ثالثا للحكم.
(١) هذا استدراك على مناقشته في الوجه الثاني بقوله : «وفيه أنّ ضمانها في تلك الحال ..» وغرضه تقريب الوجه المزبور ببيان آخر يسلم عن المناقشة ، وحاصله : وحدة مناط الضّمان في الحيلولة والتلف ، توضيحه : أنّ العين المضمونة لو تلفت حين ارتفاع قيمتها تضمن قيمتها العليا ، لكون زمان التلف وقت اشتغال الذّمّة بالبدل بعد ما كانت مشغولة بالعين.
والوجه في الضّمان حرمان المالك عن العين وعدم تمكّنه من الانتفاع بماله. وهذا المناط موجود في صورة بقاء العين في يد الضامن حين ارتفاع قيمتها ، فإنّها وإن لم تتلف ، لكنّ حيلولة الضامن بين المالك وملكه ، ومنعه عن التّصرّف فيه موجبة لضمان القيمة المرتفعة وإن كان تلفها في زمان تنزّل قيمتها.
نعم لا يقتضي هذا الوجه ضمان أعلى القيم لو ردّ الضامن العين إلى المالك في زمان تنزّل القيمة ، وذلك لأنّ ردّ العين يوجب تدارك تلك القيمة العليا ، ولو لا هذا التدارك لزم ردّ التفاوت ـ بين القيمة الفعليّة وأعلى القيم ـ عند ردّ العين. هذا محصّل التوجيه ، وسيأتي في المتن مزيد توضيح له.
__________________
(١) جواهر الكلام ، ج ٣٧ ، ص ١٠٥.