.................................................................................................
__________________
فإنّه يقال : مضافا إلى عدم دلالة صحيحة أبي ولّاد على ضمان قيمة يوم الغصب كما تقدم إنّه ليس جمعا عرفيا ، لأنّ الصحيحة على فرض دلالتها على ضمان يوم الغصب ظاهرة في ضمان ذلك المكان أيضا ، لا المكان الآخر ، فإنّ اعتبار المكان الآخر قيد زائد ينفيه إطلاق أدلّة الضمانات.
وبالجملة : فالمضمون هو القيمة الفعليّة حال التلف المنوطة بلحاظ مكان التلف.
وأمّا بناء على اعتبار قيمة يوم الغصب فالمدار على قيمته في مكان الغصب كزمانه ، لأنّ حدوث ضمان القيمة كان بزمان الغصب المستلزم لدخل خصوصيّة مكان الغصب فيه ، لدخل ذلك المكان في القيمة المقدّرة بيوم الغصب.
وينبغي التعرّض للفوائد التي تظهر من صحيحة أبي ولّاد.
الأولى : أنّ الافتراء على الله سبحانه وتعالى يوجب الحرمان من فضله ، واستحقاق عذابه وغضبه ، لقوله عليهالسلام ـ بعد ما قصّ عليه أبو ولّاد الواقعة ـ : «في مثل هذا القضاء وشبهه تحبس السماء ماءها وتمنع الأرض بركتها» بل المستفاد منه حرمان الآخرين أيضا ، وإحاطة البلاء بهم ، وعدم اختصاص العقوبة الدنيويّة بالمفتري عليه جلّ وعزّ ، لأنّ حبس قطر السماء وبركة الأرض ضيق على الجميع ، حتى الصبيان والحيوانات ، فيلزم احتراق الكلّ بنار أشعلها المفتري ، نعوذ بالله من شرور أنفسنا.
الثانية : ضمان المنافع المستوفاة بأجرة المثل ، حيث إنّ أبا ولّاد استوفى منفعة البغل ، فركبه إلى النيل ثمّ إلى بغداد ، ثمّ منه إلى الكوفة. لقوله عليهالسلام : «أرى له عليك مثل كرى البغل ذاهبا من الكوفة إلى النيل .. توفيه إياه».
والمستفاد منه أمور :
الأوّل : ضمان كراءات ثلاثة ، لاختلاف المسافات بين كلّ بلدين ، ولا يكفي دفع أجرة واحدة للسير من كوفة إلى بغداد ثم العود إلى كوفة. وذلك لعدم السّير من الطريق المتعارف ، وعدم كون «النيل» في الجادّة المستقيمة بين كوفة وبغداد. ولا ريب حينئذ