ثمّ إنّه (١) حكي عن المفيد والقاضي والحلبي : الاعتبار بيوم البيع في
______________________________________________________
د : ضمان المقبوض بالبيع الفاسد بقيمة يوم البيع
(١) هذا إشارة إلى قول رابع في ضمان المقبوض بالبيع الفاسد ، ذهب إليه الشيخ المفيد والقاضي ابن البرّاج وأبو الصلاح الحلبي قدسسرهم على ما نقله عنهم العلّامة في المختلف في بيع الغرر والمجازفة (١).
وهذا القول يختصّ به حكم المبيع فاسدا ، ولا يشمله حكم المغصوب ، فلا يضمن المبيع بيوم قبضه ولا بيوم تلفه ولا بأعلى القيم بينهما ، بل يضمن بقيمة يوم البيع سواء قبضه المشتري فيه أم لا. كما أنّ ظاهر هذا القول التفصيل في فساد البيع بين أن يستند إلى جهالة الثمن وعدم تعيينه في العقد ، فيضمن المبيع بقيمة يوم البيع ، وبين غيرها من اختلال شرط الصّحّة ، فيضمن بقيمة القبض والأخذ.
وكيف كان فهذه الفتوى تظهر من النهاية أيضا ، حيث قال : «ومن اشترى شيئا بحكم نفسه ، ولم يذكر الثمن بعينه كان البيع باطلا ، فإن هلك الشيء في يد المبتاع كان عليه قيمته يوم ابتاعه .. إلخ» (٢). والشاهد في هذه الجملة الأخيرة ، حيث أوجب على المشتري قيمة يوم البيع ، لا قيمة يوم القبض.
ولعلّ نظرهم في هذا الحكم إلى صحيحة رفاعة الخنّاس ، قال : «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : ساومت رجلا بجارية فباعنيها بحكمي ، فقبضتها منه على ذلك ، ثمّ بعثت إليه بألف درهم ، فقلت : هذه ألف درهم حكمي عليك أن تقبلها ، فأبى أن يقبلها منّي. وقد كنت مسستها قبل أن أبعث إليه بالثمن ، فقال : أرى أن تقوّم الجارية قيمة عادلة ، فإن كان قيمتها أكثر ممّا بعثت إليه كان عليك أن تردّ عليه [إليه] ما نقص من القيمة. وإن كان ثمنها أقلّ ممّا بعثت إليه فهو له. قلت : جعلت فداك : إن وجدت بها عيبا بعد ما مسستها؟ قال : ليس لك أن تردّها ، ولك أن تأخذ قيمة ما بين الصّحّة
__________________
(١) مختلف الشيعة ، ج ٥ ، ص ٢٤٣ و ٢٤٤ ؛ المقنعة ، ص ٥٩٣ ؛ الكافي لأبي الصلاح ، ص ٣٥٣ ، ولم أظفر بالمطلب في جواهر الفقه لابن البرّاج.
(٢) النهاية ونكتها ، ج ٢ ، ص ١٤٥ و ١٤٦.