ثمّ (١) إنّ جميع ما ذكرنا من الخلاف إنّما هو في ارتفاع القيمة الناشئة من تفاوت رغبة الناس. وأمّا إذا كان حاصلا من زيادة العين (٢)
______________________________________________________
ضمان ارتفاع القيمة بسبب الزيادة العينيّة
(١) هذا هو الأمر الثالث ، وهو ناظر إلى تحديد موضوع البحث ـ في ضمان القيميّ ـ من جهة أخرى. وحاصله : أنّ ما ذكرناه من عدم ضمان ارتفاع القيمة ـ خلافا للقائل باعتبار أعلى القيم ـ ناظر إلى ارتفاع القيمة السوقية مع بقاء العين على حالها ، وعدم حدوث تغيير فيها.
فلو ارتفعت القيمة عند الغاصب لأجل زيادة عينيّة كسمن الشاة ، أو تعلّم صنعة ككتابة العبد المغصوب وخياطته ـ ثم عادت العين إلى ما كانت عليه حين الغصب حتّى تلفت عند الغاصب ـ كانت هذه الزيادة أو الصفة مضمونة ، كضمان العين المغصوبة ، لوضوح دخل تلك الصفة في رغبات الناس التي هي مدار ماليّة الأشياء.
ومثّل له الشهيد الثاني قدسسره بقوله : «حتى لو غصب جارية قيمتها مائة ، فسمنت وبلغت القيمة ألفا ، وتعلّمت صنعة فبلغت ألفين ، ثم هزلت ونسيت الصنعة ، فعادت قيمتها إلى مائة ، ردّها وغرم ألفا وتسعمائة. ولو علّم العبد المغصوب سورة من القرآن أو حرفة فنسيها ، ثم علّمه حرفة أو سورة أخرى فنسيها أيضا ضمنهما» (١).
(٢) يعني : حصلت زيادة في العين المغصوبة عند ما كانت بيد الغاصب ، ثم زالت ـ كما تقدّم آنفا في كلام المسالك ـ كانت الزيادة مضمونة ، فإن ردّ العين إلى المغصوب منه لزمه ردّ قيمة الزيادة الفائتة معها. وإن تلفت العين لزمه ردّ القيمة العليا ، وهي قيمة العين حال تلك الزيادة. ولا يكفي ردّ قيمة يوم التلف. قال المحقق قدسسره : ـ فيما زادت القيمة لزيادة صفة ثم زالت ـ : «أمّا لو تجدّدت صفة غيرها ، مثل أن سمنت فزادت قيمتها ، ثم هزلت فنقصت قيمتها ، ثم تعلّمت صنعة فزادت قيمتها ، ردّها
__________________
(١) مسالك الأفهام ، ج ١٢ ، ص ٢٢٠.