ثمّ إنّ هذه المسألة (١) من جزئيات القاعدة المعروفة (٢) «كلّ عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده (٣). وما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده».
وهذه القاعدة أصلا وعكسا (٤) وإن لم أجدها بهذه العبارة في كلام
______________________________________________________
الدليل الرابع : قاعدة «ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده»
(١) الظاهر أنّ غرضه قدسسره من التعرّض لقاعدة «ما يضمن» هنا هو إقامة دليل رابع على ضمان المقبوض بالبيع الفاسد ، لكونه من صغريات قاعدة «كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده» المقتضية لاتحاد حكم العقد الصحيح والفاسد في الضمان ، وحيث إنّ البيع الصحيح يقتضي ضمان المشتري بالثمن ، والبائع بالمثمن ، فكذا فاسده.
والأمر كما أفاده قدسسره لو تمّت هذه القاعدة في نفسها بأن كانت مجمعا عليها أو دلّ عليها قاعدة الإقدام كما سيأتي نقله عن المسالك. وأمّا إذا كان الدليل عليها قاعدة اليد كما يظهر من المسالك أيضا لم تكن قاعدة «ما يضمن» دليلا مستقلا على ضمان المقبوض بالعقد الفاسد ، إذ المدار حينئذ على ما يستفاد من نفس حديث «على اليد» وبناء على هذا يكون تعرّض المصنّف قدسسره لهذه القاعدة هنا مماشاة للأصحاب ، حيث يظهر من بعضهم إرسال القاعدة إرسال المسلّمات.
(٢) قال الفقيه المامقاني قدسسره : «وصف القاعدة في الرياض بالشهرة ، وفي كتاب الإجارة منها بكونها متّفقا عليها. وفي شرح القواعد بالشهرة وبكونها مجمعا عليها ، وكونها موافقة للقواعد الشرعية» (١).
(٣) لا يخفى أنّ مورد الاستدلال هنا هو هذه الجملة لا عكسها ، إذ المقصود مضمنيّة قبض المبيع بالعقد الفاسد كالمقبوض بصحيحه.
(٤) التعبير بالعكس مسامحة ، وأطلق المحقق الثاني قدسسره العكس على أصل القاعدة ، فقال في عدم ضمان المستأجر للعين ـ سواء أكانت الإجارة صحيحة أم فاسدة ـ : «أمّا الصحيحة فظاهر ، للقطع بأنّ ذلك من مقتضياتها. وأمّا الفاسدة
__________________
(١) غاية الآمال ، ص ٢٧٥