وفيه : أنّه لا منشأ لهذا الاقتضاء (١). وأدلّة الضمان قد عرفت أنّ محصّلها يرجع إلى وجوب تدارك ما ذهب من المالك ، سواء كان الذاهب نفس العين كما في التلف الحقيقيّ ، أو كان الذاهب السلطنة عليها التي بها قوام ماليّتها ، كغرق المال ، أو كان الذاهب الأجزاء أو الأوصاف التي يخرج بذهابها العين عن التقويم مع بقاء ملكيّته (٢).
______________________________________________________
(١) أي : اقتضاء ملك المالك للقيمة خروج العين المضمونة عن ملكه ، ودخولها في ملك الضامن ، لصيرورتها عوضا شرعا عن القيمة التي دفعها الضامن إلى المالك.
وحاصله : أنّه لا منشأ للاقتضاء المزبور أصلا ، لأنّ ما يتوهّم أن يكون منشأ له هو أدلّة الضمان ، وهي غير صالحة لذلك ، لأنّ المستفاد من تلك الأدلة هو وجوب تدارك ما فات عن المالك ، سواء أكان الفائت نفس العين كما في التلف الحقيقيّ ، أم كان الفائت السلطنة عليها مع بقاء عين المال كغرقها ، فيما لم يكن الماء معدما لها ، كالأحجار الكريمة التي تبقى في الماء ، أم كان الفائت الأجزاء أو الأوصاف التي تخرج العين بذهابها عن القيمة مع بقاء الملكيّة.
ومن المعلوم أنّ العين على التقدير الأوّل تخرج عن الملكيّة عرفا ، فلا تقبل إضافة الملكيّة حتى يقال : إنّ طرف الإضافة هو المالك أو الضامن.
وعلى التقدير الثاني تكون السلطنة المطلقة على البدل بدلا عن السلطنة المنقطعة عن العين. وهذا معنى بدل الحيلولة ، لا بدلا عن نفس العين ، حتى يدّعى صيرورتها ملكا للضامن ببذل البدل.
وعلى التقدير الثالث يكون البدل المبذول بدلا عن ماليّة المال ، إذ المفروض خروجه عن الماليّة مع بقاء عينه ، فليس البدل المبذول بدلا عن نفس العين حتى يكون ملك المالك للقيمة مقتضيا لخروج العين المضمونة عن ملكه ، ودخولها في ملك الضامن ، لصيرورتها شرعا عوضا عن البدل المبذول للمالك.
(٢) الأولى «ملكيّتها» لرجوع الضمير إلى العين.